الأحد، 24 مارس 2019

شرح قصيدة بانت سعاد لكعب بن زهير رضي الله عنه للشيخ/محمد يحظيه بن الطاهر البصادي الأنصاري –رحمه الله تعالى-

بسم الله الرحمن الرحيم 
وصلى الله على نبيه الكريم 
قصيدة بانت سعـــــــــــــــــاد
للصحابي الجليل / كعب بن زهير - رضي الله عنه - 
بسم الله الرحمن الرحيم
قصيدة بانت سعاد

بانَت سُعادُ فَقَلبي اليَومَ مَتبولُ

مُتَيَّمٌ إِثرَها لَم يُفدَ مَكبولُ

وَما سُعادُ غَداةَ البَينِ إِذ رَحَلوا

إِلّا أَغَنُّ غَضيضُ الطَرفِ مَكحولُ

هَيفاءُ مُقبِلَةً عَجزاءُ مُدبِرَةً

لا يُشتَكى قِصَرٌ مِنها وَلا طولُ

تَجلو عَوارِضَ ذي ظَلمٍ إِذا اِبتَسَمَت

كَأَنَّهُ مُنهَلٌ بِالراحِ مَعلولُ

شُجَّت بِذي شَبَمٍ مِن ماءِ مَحنِيَةٍ

صافٍ بِأَبطَحَ أَضحى وَهُوَ مَشمولُ

تَجلو الرِياحُ القَذى عَنُه وَأَفرَطَهُ

مِن صَوبِ سارِيَةٍ بيضٍ يَعاليلُ

يا وَيحَها خُلَّةً لَو أَنَّها صَدَقَت

ما وَعَدَت أَو لَو أَنَّ النُصحَ مَقبولُ

لَكِنَّها خُلَّةٌ قَد سيطَ مِن دَمِها

فَجعٌ وَوَلعٌ وَإِخلافٌ وَتَبديلُ

فَما تَدومُ عَلى حالٍ تَكونُ بِها

كَما تَلَوَّنُ في أَثوابِها الغولُ

وَما تَمَسَّكُ بِالوَصلِ الَّذي زَعَمَت

إِلّا كَما تُمسِكُ الماءَ الغَرابيلُ

كَانَت مَواعيدُ عُرقوبٍ لَها مَثَلاً

وَما مَواعيدُها إِلّا الأَباطيلُ

أَرجو وَآمُلُ أَن يَعجَلنَ في أَبَدٍ

وَما لَهُنَّ طِوالَ الدَهرِ تَعجيلُ

فَلا يَغُرَّنَكَ ما مَنَّت وَما وَعَدَت

إِنَّ الأَمانِيَ وَالأَحلامَ تَضليلُ

أَمسَت سُعادُ بِأَرضٍ لا يُبَلِّغُها

إِلّا العِتاقُ النَجيباتُ المَراسيلُ

وَلَن يُبَلِّغها إِلّا عُذافِرَةٌ

فيها عَلى الأَينِ إِرقالٌ وَتَبغيلُ

مِن كُلِّ نَضّاخَةِ الذِفرى إِذا عَرِقَت

عُرضَتُها طامِسُ الأَعلامِ مَجهولُ

تَرمي الغُيوبَ بِعَينَي مُفرَدٍ لَهَقٍ

إِذا تَوَقَدَتِ الحُزّانُ وَالميلُ

ضَخمٌ مُقَلَّدُها فَعَمٌ مُقَيَّدُها

في خَلقِها عَن بَناتِ الفَحلِ تَفضيلُ

حَرفٌ أَخوها أَبوها مِن مُهَجَّنَةٍ

وَعَمُّها خَالُها قَوداءُ شِمليلُ

يَمشي القُرادُ عَلَيها ثُمَّ يُزلِقُهُ

مِنها لَبانٌ وَأَقرابٌ زَهاليلُ

عَيرانَةٌ قُذِفَت في اللَحمِ عَن عُرُضٍ

مِرفَقُها عَن بَناتِ الزورِ مَفتولُ

كَأَنَّ ما فاتَ عَينَيها وَمَذبَحَها

مِن خَطمِها وَمِن اللَحيَينِ بَرطيلُ

تَمُرُّ مِثلَ عَسيبِ النَخلِ ذا خُصَلٍ

في غارِزٍ لَم تَخَوَّنَهُ الأَحاليلُ

قَنواءُ في حُرَّتَيها لِلبَصيرِ بِها

عِتقٌ مُبينٌ وَفي الخَدَّينِ تَسهيلُ

تَخدي عَلى يَسَراتٍ وَهيَ لاحِقَةٌ

ذَوابِلٌ وَقعُهُنُّ الأَرضَ تَحليلُ

سُمرُ العُجاياتِ يَترُكنَ الحَصى زِيَماً

لَم يَقِهِنَّ رُؤوسَ الأُكُمِ تَنعيلُ

يَوماً يَظَلُّ بِهِ الحَرباءُ مُصطَخِماً

كَأَنَّ ضاحِيَهُ بِالنارِ مَملولُ

كَأَنَّ أَوبَ ذِراعَيها وَقَد عَرِقَت

وَقَد تَلَفَّعَ بِالقورِ العَساقيلُ

وَقالَ لِلقَومِ حاديهِم وَقَد جَعَلَت

وُرقُ الجَنادِبِ يَركُضنَ الحَصى قيلوا

شَدَّ النهارُ ذِراعاً عَيطلٍ نَصَفٍ

قامَت فَجاوَبَها نُكدٌ مَثاكيلُ

نَوّاحَةٌ رَخوَةُ الضَبعَين لَيسَ لَها

لَمّا نَعى بِكرَها الناعونَ مَعقولُ

تَفِري اللِبانَ بِكَفَّيها وَمِدرَعِها

مُشَقَّقٌ عَن تَراقيها رَعابيلُ

يَسعى الوُشاةُ بِجَنبَيها وَقَولُهُم

إِنَّكَ يَا بنَ أَبي سُلمى لَمَقتولُ

وَقالَ كُلُّ خَليلٍ كُنتُ آمُلُهُ

لا أُلفِيَنَّكَ إِنّي عَنكَ مَشغولُ

فَقُلتُ خَلّوا سبيلي لا أَبا لَكُمُ

فَكُلُّ ما قَدَّرَ الرَحمَنُ مَفعولُ

كُلُ اِبنِ أُنثى وَإِن طالَت سَلامَتُهُ

يَوماً عَلى آلَةٍ حَدباءَ مَحمولُ

أُنبِئتُ أَنَّ رَسولَ اللَهِ أَوعَدَني

وَالعَفُوُ عِندَ رَسولِ اللَهِ مَأمولُ

مَهلاً هَداكَ الَّذي أَعطاكَ نافِلَةَ ال

قُرآنِ فيها مَواعيظٌ وَتَفصيلُ

لا تَأَخُذَنّي بِأَقوالِ الوُشاةِ وَلَم

أُذِنب وَلَو كَثُرَت عَنّي الأَقاويلُ

لَقَد أَقومُ مَقاماً لَو يَقومُ بِهِ

أَرى وَأَسمَعُ ما لَو يَسمَعُ الفيلُ

لَظَلَّ يُرعَدُ إِلّا أَن يَكونَ لَهُ

مِنَ الرَسولِ بِإِذنِ اللَهِ تَنويلُ

مازِلتُ أَقتَطِعُ البَيداءَ مُدَّرِعاً

جُنحَ الظَلامِ وَثَوبُ اللَيلِ مَسبولُ

حَتّى وَضَعتُ يَميني لا أُنازِعُهُ

في كَفِّ ذي نَقِماتٍ قيلُهُ القيلُ

لَذاكَ أَهَيبُ عِندي إِذ أُكَلِّمُهُ

وَقيلَ إِنَّكَ مَسبورٌ وَمَسؤولُ

مِن ضَيغَمٍ مِن ضِراءَ الأُسدِ مُخدِرَةً

بِبَطنِ عَثَّرَ غيلٌ دونَهُ غيلُ

يَغدو فَيَلحَمُ ضِرغامَين عَيشُهُما

لَحمٌ مِنَ القَومِ مَعفورٌ خَراذيلُ

إذا يُساوِرُ قِرناً لا يَحِلُّ لَهُ

أَن يَترُكَ القِرنَ إِلّا وَهُوَ مَفلولُ

مِنهُ تَظَلُّ حَميرُ الوَحشِ ضامِرَةً

وَلا تُمَشّي بِواديهِ الأَراجيلُ

وَلا يَزالُ بِواديِهِ أخَو ثِقَةٍ

مُطَرَّحُ البَزِّ وَالدَرسانِ مَأكولُ

إِنَّ الرَسولَ لَنورٌ يُستَضاءُ بِهِ

مُهَنَّدٌ مِن سُيوفِ اللَهِ مَسلولُ

في عُصبَةٍ مِن قُرَيشٍ قالَ قائِلُهُم

بِبَطنِ مَكَّةَ لَمّا أَسَلَموا زولوا

زَالوا فَمازالَ أَنكاسٌ وَلا كُشُفٌ

عِندَ اللِقاءِ وَلا ميلٌ مَعازيلُ

شُمُّ العَرانينِ أَبطالٌ لَبوسُهُمُ

مِن نَسجِ داوُدَ في الهَيجا سَرابيلُ

بيضٌ سَوابِغُ قَد شُكَّت لَها حَلَقٌ

كَأَنَّها حَلَقُ القَفعاءِ مَجدولُ

يَمشون مَشيَ الجِمالِ الزُهرِ يَعصِمُهُم

ضَربٌ إِذا عَرَّدَ السودُ التَنابيلُ

لا يَفرَحونَ إِذا نالَت رِماحُهُمُ

قَوماً وَلَيسوا مَجازيعاً إِذا نيلوا

لا يَقَعُ الطَعنُ إِلّا في نُحورِهِمُ

ما إِن لَهُم عَن حِياضِ المَوتِ تَهليلُ

























شرح
قصيدة بانت سعاد   
لكعب بن زهير رضي الله عنه
للشيخ/محمد يحظيه بن الطاهر البصادي الأنصاري –رحمه الله تعالى-

  
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على نبيه الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين
شرح بانت سعاد
لمحمد يحظيه بن الطاهر رحمه الله تعالى  
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول

                 
متيم إثرها لم يفد مكبول

متبول: أي أسقمه الحب وأضناه وأضعفه وقيل مبتول بتقديم الموحدة أي مقطوع .
المتيم : من تيمه الحب أي استعبده وأذله .
إثرها : وهو محل المشي وموضع القدم من الأرض . ومعنى لم يُفْدَ : لم يقع له فداء من أَسْرِه الذي وقع فيه إما لكونه لم يجد من يفديه ، وإما لكونه لم يختر الفداء بل أَسْرُ المحبة أحبُّ إليه .
ومعنى مكبول : أي مقيد يقال : كبل الأسير بالتخفيف وكبله بالتشديد إذا وضع في رجله الكبل بفتح الكاف وقد تكسر .
وحاصل معنى البيت : أنه إذا فارقته محبوبته فبسبب فراقها صار قلبه في غاية الضنى والسقم والذل والاسر والقيد أو السجن لا يجد له هربا من الأسر ولا فكاكا من القيد أو السجن .
وما سعاد غداة البين إذ رحلوا


إلا أغَنُّ غضيضِ الطَّرفِ مكحولُ

والأغَنُّ : الذي في صوته غُنَّة وهي صوت لذيذ يخرج من أقصى الانف ، وهو خبر سعاد وصفة لظبي محذوف
وغضيض : بمعنى مغضوض . والطرف بسكون الراء معناه البصر والمراد به هنا العين ،وغض الطرف في الأصل ترك التحديق به واستيفاء النظر . وغضيض صفة ثانية لمحذوف تقديره ظبي ، ومكحول صفة ثالثة لظبي وهو سواد يعلوا العين من غير اكتحال.
هيفاء مقبلة عجزاء مدبرة


لا يُشتكى قِصَرٌ منها ولا طُول

هيفاء : خبر مبتدأ تقديره هي قال في القاموس : الهيف بالتحريك ضمور البطن ودقة الخاصرة .ومقبلة: حال من هيفاء
وعجزاء : خبر لمبتدأ محذوف تقديره هي ومعناه كبيرة العجيزة ومدبرة حال من عجزاء ، لا يُشتكى : بالبناء للمجهول أي لا يَشتكي الرائي عند رؤيتها قِصرا ولا يشتكي طولا فلا تُعاب بقِصر ولا تُذمُّ بطول .
تجلوا عوارض ذي ظلم إذا ابتسمت


     كأنه منهل بالراح معلول

تجلوا : أي تكشف عن عوارض ذي ظلم وقت ابتسامها ، واختلف في معنى العوارض ، فقيل هي الاسنان كلها ،وقيل هي الضواحك والانياب ، وقيل غير ذلك ، وذي : بمعنى صاحب ،وظلم بفتح الظاء وسكون تاليه معناه ماء الاسنان وبريقها ، وقيل رقتها وبياضها.
ومنهل : بوزن مكرم اسم مفعول من أنهله إذا سقاه النَّهَلْ بفتحتين وهو الشرب الاول ، ومعلول : أي مسقي ثانيا وهو خبر ثان لكأنه ، وحاصل معنى البيت : أن سعاد  إذا ابتسمت تكشف في تبسمها عن أسنان ذات ماء وبريق وذات بياض أو رقة ولطيب ثغرها كأنه مسقي بالراح نهلا ثم عللا أي أولا ثم ثانيا .
والراح : لها ثلاثة معان : الأول الخمر وهو المراد هنا ،والثاني الارتياح ، والثالث جمع راحة وهي الكف.
شجت بذي شبم من ماء محنية

      
صاف بأبطح أضحى وهو مشمول

أي مزجت بماء موصوف بست صفات : الاول كونه ذا شبم أي صاحب برد شديد ، والشبم بفتحتين : البرد الشديد
الثاني : كونه مأخوذا من ماء محنية بفتح الميم وسكون الحاء وكسر النون وفتح الياء وهي منعطف الوادي  
الثالث : كونه صافيا عما يخالطه من أجزاء الأرض ، الرابع  :كونه بأبطح وهو المسيل الواسع الذي فيه دقاق الحصى
الخامس : كونه أخذ في وقت الضحى وهو المراد بقوله أضحى وهي تامة ، السادس : كونه مشمولا والمشمول هو الذي ضربته ريح الشمال حتى برد ، فإن ريح الشمال أشد تبريدا للماء من الرياح خصوصا بأرض الحجاز لرقتها ولطافتها .
تنفي الريح القذى عنه وأفرطه

     
من صوب سارية بيض يعاليل

وتنفي : أي تطرد يقال نفاه أي طرده ، والقذى بفتح القاف والذال ما يسقط في العين والشراب والمراد به هنا ما يقع في الماء مما يشوبه ، وضمير عنه راجع على الابطح أو على الماء.
فالمعنى على الأول: أن الريح تهب على الابطح قبل وجود الماء فيه فتنسف ما فيه من تراب ونحوه فلا يبقى فيه إلا دقاق الحصى فلا يجد الماء فيه عند حلوله ما يُكدّره
وعلى الثاني : أن الريح تهب على الماء وهو في الابطح فتقذف ما على وجهه مما كان في الابطح قبل وجود الماء .
وأفرطه أي وأفرط ذلك الابطح بالماء أي ملاه به .
والصّوب : المطر ويُستعمل بمعنى القصد ، وسارية أي سحابة تأتي لبلاد من السرى وهو السير ليلا ، وبيض فاعل أفرطه ويعاليل نعت لبيض وهي جمع أبيض أو بيضاء واختلف في معناها فقيل الجبال الشديدة البياض لأن ماء السحاب يتحصل أولا في الجبال ثم ينصبُّ منه إلى الاباطح وهذا أقوى التفاسير ،وقيل البِيضُ السُّحب .
أكرم بها خلة لو أنها صدقت


موعودها أو لو أن النصح مقبول

أكرم بها أي ما أكرمها فأكرم فعل تعجب على حد قوله تعالى (( أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا )) أي ما أسمعهم وما أبصرهم في ذلك اليوم ، قوله أكرم محتمل لمعنيين : الاول أن المراد به كرم الحسب والشرف والارومة أي الاصل
الثاني : أن المراد به خلاف البخل وهو الجود ، وخلة بضم الخاء وتشديد اللام كما في السيوطي وغيره وإن ضبطه بعض الشراح بكسر الخاء وهو منصوب على التمييز والخلة بضم الخاء صفاء المودة.  
وقوله : لو انها صدقت موعودها : أي أتمني أنها صدقت موعودها ، فلو : للتمني كما هو الاقرب لاستغنائه عن التقدير إذ لا جواب لها فهذه جملة مستأنفة لإنشاء التمني غير معلق عليها ما قبلها فيكون كعب رضي الله عنه (عنه ) أحب صدقها موعودها وتمناه .
واختلف في أن وَصِلَتها فقيل فاعل بفعل محذوف والتقدير هنا لو ثبت أنها صدقت موعودها ، ونقل عن أكثر البصريين أنه مبتدأ محذوف الخبر وجوبا كما يحذف كذلك بعد لولا والتقدير هنا لو صدقها موعودها موجود ، وموعودها يحتمل ثلاثة أوجه : الأول : أن يراد به الشخص الذي وعدته ، الثاني : أن يراد به الشيء الموعود به فيكون المعنى لو انها صدقت في الشيء الذي وعدته به وعلى هذين الاحتمالين فهو اسم مفعول ، الثالث : أن يراد به الوعد فيكون مصدرا على رأي أبي الحسن أن المصدر يأتي على زنة مفعول كالمعسور.
والنصح بضم النون ، و أو بمعنى الواو لأنه يتمني كلا من النصح في الوعد وقبول النصح لا أحدهما على جعل لو للتمني وكرمها معلق على كل منهما لا على أحدهما فقط على جعلها شرطية  ، وفي أن ومدخولها ما تقدم من الاقوال الثلاثة في التي قبلها ، والنصح خلاف الغش وهو إرادة الخير للمنصوح ، والمراد نُصحي إياها ، والمقبول خلاف المردود .
لكنها خلة قد سيط من دمها


    فجع و ولع وإخلاف وتبديل
والضمير في قوله لكنها يعود على المحبوبة التي هي سعاد ، وخلة : بمعنى صديقة وخليلة كما تقدم ، وقوله قد سيط بكسر السين المهملة أو الشين المعجمة معناه خلط يقال ساطه إذا خلطه بغيره حتى صارا شيئا واحدا ، ومن بمعنى الباء أو في ، فالمعنى : قد خلط بدمها أو فيه هذه الخلال الاربع وهذا كناية عن كونها صارت لها خلقا طبيعيا لا تنفك عنه .
وقوله فجع نائب فاعل لسيط ، والفجع بفتح الفاء وسكون الجيم وبالعين المهملة : الاصابة بالمكروه  وهو محتمل لأمور منها الهجر وما يتبعه من مقاسات الالام ومكابدة الاهوال ومعالجة الاسقام فالهجر يذيب القلوب ويشيب الرءوس  ، ولله در القائل :
ألا فاعجبوا بفعلها بحبيبها


ولا تعجبوا من لمتي ومشيبها

فإن هجرتني شيبتني بهجرها


وإن واصلتني شيبتني بطيبها

و ولع عطف على فجع والولع بسكون اللام والولعان بتحريكها الكذب كما في القاموس ، وهو محتمل لأمور : منها الكذب في إخفاء محبته وإظهار كراهته وتقاصيها عن وصله كما قال :
من منصفي من فتات قد علقت بها


أضحت يمازجها وصل وهجران

تبدي صدودا وتخفي تحته شغفا


فالنفس راضية والطرف غضبان


ومنها كذبها في دعوى العوائق عن الوصل وإقامة الحجج المانعة منه ، كما قال بعضهم :
تقيم معاذيرا وتزعم صدقها


وتطمع آمالي بها فألين

وتحلف لو تسطاع جادت بوصلها


وليس لمخضوب البنان يمين

وإخلاف عطف على فجع أيضا ومعناه خلاف الوفاء ، والمراد هنا إخلاف الوعد ، وتبديل عطف على فجع أيضا ومعناه تبديل شيء بغيره ، والمراد به هنا تبديل خليل بخليل .
فما تدوم على حال تكون به


كما تلون في أثوابها الغول

أي فسبب ما جبلت عليه من الإخلاف والتبديل لا تستمر على حال بل تتغير من حال إلى حال فتارة تصل وتارة ترضى وتارة تغضب وتارة تود ، وتارة تجفوا وتارة ترغب في خليل وتارة ترغب عنه ، وما : نافية ، وتدوم:  تامة وفاعلها ضمير يعود على خلة ، وقوله في أثوابها الغول : وهو فاعل للفعل الذي قبله والتقدير كما تتلون الغول حال كونها في أثوابها ، فالهاء:  من أثوابها عائدة على الغُول .
واعلم أن العرب تزعم أن الغول تُرى في الفلات بألوان شتى ، وقد اختلفوا هل لها وجود حقيقة أو هي من خرافات العرب ، فذهب قوم إلى الأول : محتجين بقوله صلى الله تعالى عليه وسلم (( إذا تغولت الغيلان فبادروا بالأذان ))
وفي حديث أبي أيوب : كان لي تمر في سهوة فكانت الغول تجيء فتأخذها .
وذهب آخرون إلى الثاني محتجين بقوله صلى الله تعالى عليه وسلم كما ثبت في صحيح مسلم (( لا طيرة ولا نوء ولا غول )) ، فنفى صلى الله تعلى عليه وسلم الغول كما نفى الطِّيَرة ووقوع المطر بنوء الكواكب فهي من الامور المستحيلة التي هي على غير مسميات  ، كما قال الشاعر :
الجود والغول والعنقاء ثالثها


أسماء أشياء لم تخلق ولم تكن

والصواب أن يقول والخل بدل الجود والمراد الخل الوفي  ، كما قال بعضهم :
لما اختبرت بني الزمان فلم أجد


خلا وفيا للشدائد أصطفي

أيقنت أن المستحيل ثلاثة
ولا تمسك بالعهد الذي زعمت


الغول والعنقاء والخل الوفي
إلا كما يمسك الماء الغرابيل

وتمسك بفتح التاء والميم والسين المشددة وأصله تتمسك ، أو بضم التاء وفتح الميم وكسر السين المشددة ، وحاصل معنى البيت أن هذه المحبوبة لا تتمسك بالعهد الذي تكفلت الوفاء به أو الذي قالت إنها تفي به إلا تمسكا كإمساك الغرابيل للماء في العدم ، وقوله الذي صفة لما قبله ، وجملة زعمت : صلة الذي والعائد محذوف.
وزعمت : قيل بمعنى تكفلت ،وقيل بمعنى قالت ، وكما الكاف حرف جر وما حرف مصدري فيؤول الفعل بعدها بمصدر ، والماء : مفعول مقدم والغرابيل جمع غربال وهو الذي تغربل به الحنطة وغيرها وهو فاعل مؤخر .
فلا يغرنك ما منت وما وعدت


إن الأماني والأحلام تضليل

قوله يغرنك : فعل مضارع مبني على الفتح لمباشرته لنون التوكيد الخفيفة ، وقوله ما منت:  يحتمل أن تكون ما اسما موصولا بمعنى الذي ، وأن تكون نكرة موصوفة بمعنى شيء ، وعلى كل فهي في محل رفع على الفاعلية ويحتمل أن تكون مصدرية فتكون هي وصلتها في تأويل مصدر هو الفاعل أي تمنيتها إياك الوصل .
وقوله وما وعدت أي وما وعدتك إياه أو وعدها إياك الوصل فتجري فيها الاوجه الثلاثة السابقة ، وحاصل معنى البيت لا تغتر بما حملتك على تمنيه منها أو بما كذبت عليك فيه من الوصل وما وعدتك به من ترك الهجر فإن الاماني التي يتمناها الانسان والاحلام التي يراها في منامه سبب في الضلال وضياع الزمان بلا فائدة فمن تعلق بذلك فقد أتعب نفسه وشتت خاطره .
كانت مواعيد عرقوب لها مثلا


وما مواعيدها إلا الاباطيل

أي صارت مواعيد عرقوب لها مثلا لشهرة اتصافها بالإخلاف ، فكانت بمعنى صارت ومواعيد جمع ميعاد كموازين جمع ميزان ، وعرقوب رجل تضرب به العرب المثل بإخلاف الوعد ،كما قال علقمة الاشجعي :
وعدت وكان الخُلف منك سجية


مواعيد عرقوب أخاه بيثرب

وقوله : وما مواعيدها إلا الاباطيل أي وما مواعيد سعاد إلا باطلة لا حقيقة لها وهذا تأكيد لإخلافها الوعد .
أرجوا وآمل أن تدنوا مودتها


وما إخال لدينا منك تنويل

والرجاء: بالمد غلبة الظن بحصول الشيء ،تقول رجوت الشيء أرجوه إذا غلب على ظنك حصوله ،ويطلق الرجاء على الخوف ومنه قوله تعالى (( ما لكم لا ترجون لله وقارا )) أي لا تخافون لله عظمة .
والأمل : هو الرجاء يقال أمّلت الشيء آمله بمد الهمزة وضم الميم واللام إذا رجوته ، وقوله : أن تدنوا مودتها أي تقرب محبة سعاد فتدنوا بمعنى تقرب والمودة خلاف العداوة وهي المحبة والضمير لسعاد ، وقد تنازع الفعلان أن تدنوا فأعمل الثاني وأضمر في الأول ضميره ، وسُكّنت الواو :من أن تدنوا إما لكونه أهمل أن المصدرية حملا على ما أختها كما في قراءة بعضهم (( أن يتمُّ الرضاعة برفع الميم )) ، وقول الشاعر :
إذا كان أمر الناس عند عجوزهم


فلا بد أن يلقون كل ثبور

وإما لكونه أجرى الفتحة مجرى الضمة في تقديرها على الواو للضرورة ، قوله : وما إخال إلخ وما أظن عندنا من جهتك عطاء نوال واتصال وصال.
فإخال بكسر الهمزة على الأفصح بمعنى أظن ويجوز أن تكون إخال هنا معملة أو ملغاة أو معلقة  ، أما الإعمال فجزم به بدر الدين بن مالك فعليه فجملة لدينا منك تنويل في محل نصب لأنها مفعول ثان والمفعول الأول ضمير الشأن والتقدير وما إخاله أي الحال والشأن ، وأما الإلغاء فلأن النافي لـمّا تقدمها أزال عنها التصدر المحض فسهل إلغاؤها وعليه تكون تلك الجملة لا محل لها لإلغاء العامل.
وأما التعليق فعلى أن الأصل للدينا فعلق الفعل باللام ثم حذفت وبقي التعليق وعليه تكون تلك الجملة المذكورة في محل نصب لأنها سدت مسد المفعولين ، وقوله : لدى بمعنى عند وقلبت ألفه ياء لإضافتها للضمير ، وقوله : منكِ بكسر الكاف بمعنى من جهتك  ، والتنويل : العطاء والمراد به هنا الوصل ، والتنويل قيل إنه مبتدأ أخبر عنه بأحد الظرفين ، وقيل إنه فاعل بأحد الظرفين على ما ذهب إليه الأخفش والكوفيون من أنه لا يشترط في إعمال الظرف الاعتماد.   
أمست سعاد بأرض ما يبلغها


إلا العتاق النجيبات المراسيل

قوله أمست سعاد : أي صارت سعاد بأرض بعيدة فأمست بمعنى صارت كما هو الظاهر ،ويحتمل أنها بمعنى دخلت في وقت المساء فتكون تامة والمعنى دخلت في وقت المساء بأرض بعيدة ويكون هذا مقابلا للغدوة ، والمقصود في الحقيقة الإخبار ببعد محبوبته مع أن بعد الأحباب عذاب ، وقوله : بأرض أي في أرض فالباء بمعنى في كما في قوله تعالى (( وما كنت بجانب الغربي )) ، وقد بالغ في بعدها حيث وصف الأرض التي أمست بها سعاد بقوله لا يبلغها إلخ أي لا يبلغني تلك الأرض إلا الإبل الموصوفة بثلاث صفات محمودة في الإبل ووجه المبالغة في أنه اختار الإبل دون غيرها لأن لها قوة على طول السير مع الإسراع لأن لها طاقة على حمل الاثقال ، ومعنى العتاق بكسر العين التي هي جمع عتيق الكرام الأصول ، والنجيبات أي القوية الخفيفة ،وقيل النفيسة الفاضلة في نوعها ، والمراسيل بفتح الميم جمع مرسال بكسرها السريعات في رفع الأيدي .
ولن يبلغها إلا عذافرة لها


على الأين أرقال وتبغيل

ذكر في هذا البيت أنه لا يبلغه تلك الأرض إلا الناقة الشديدة التي لا تكل بالتعب ولا يضعف سيرها بالإعياء
إلا عذافرة أي إلا ناقة عذافرة فهي صفة لموصوف محذوف ، والعذافرة بضم العين وفتح الذال وبعدها ألف وبفتح الفاء والراء الناقة الصلبة العظيمة ، ويقال للجمل عذافر إذا كان كذلك ، وقوله فيها وفي نسخة لها أي في تلك الناقة أو لتلك الناقة على الأين أي مع الأين فعلى بمعنى مع والأين : الإعياء والتعب ، وإرقال : بكسر الهمزة وإسكان الراء المهملة ضرب من السير سريع قيل إنه نوع من الخبب ،وقيل فوق الخبب ، وإرقال مبتدأ خبره الجار والمجرور قبله أو فاعل بالظرف لأنه اعتمد على موصوف وتبغيل معطوف على إرقال ، والتّبغيل بفتح  التاء وإسكان الباء ، وكسر الغين بعدها ياء ساكنة ضرب من السير سريع أيضا فوق الخَبب ودون الإرقال .
من كل نضاخة الذفرى إذا عرقت


عرضتها طامس الأعلام مجهول

نضاخة : بفتح النون وتشديد الضاد وبعدها ألف وخاء ثم تاء التأنيث الكثيرة السيلان يُقال عين نضاخة إذا كانت كثيرة الماء فوّارة ، والذفرى: بكسر الذال المعجمة بزنة ذكرى وهي النقرة التي خلف أذن الناقة وهي أول ما يعرق منها مشتقة من الذفر وهي الرائحة الظاهرة طيبة أم لا.
وأما الدفر بالدال المهملة فهو النتن خاصة ،ونضاخة الذفرى صفة لموصوف محذوف أي ناقة نضاخة الذفرى إذا عرقت أي وقت أن عرقت وهو ظرف لنضاخة والتقدير إذا عرقت فهي نضاخة الذفرى.
وقوله عرضتها إلخ : أي همتها سلوك طريق مندرس العلامات مجهول المسالك فعرضتها بضم العين وسكون الراء وفتح الضاد بمعنى همتها ، قال حسان رضي الله تعالى عنه :
وقال الله قد أعددت جندا


هم الأنصار عُرضَتها اللقاء

وطامس الأعلام : مندرس العلامات وهو صفة لموصوف محذوف مع تقدير مضاف أي سلوك طريق طامس الأعلام ، والأعلام بمعنى العلامات جمع علم بمعنى العلامة ، ومجهول :صفة طامس مؤكدة ، ترمي الغيوب : والمراد بالغيوب آثار الطريق التي غابت معالمها عن العيون ، قوله : بعيني مفرد : أي بعينين مثل عيني مفرد لهق والمراد بالمفرد الثور الوحشي الذي انفرد عن أنيسته ،ومعنى لهق بفتح الهاء وكسرها الأبيض ، قوله إذا توقدت :والمراد بالتوقد هنا اشتداد الحر  ، والحزاز : بكسر الحاء المهملة وتشديد الزاي وفي آخره زاي أيضا هي الأمكنة الغليظة الصلبة ، والميل: بكسر الميم جمع ميلاء بفتحها وهي العقدة الضخمة من الرمل.
ضخم مقلدها: أي غليظ موضع القلادة منها فالضخم بفتح الضاد وسكون الخاء الغليظ.
ومقلدها : بضم وفتح القاف وتشديد اللام موضع القلادة من العنق ، والظاهر أن المراد به هنا جميع العنق .
عبل مقيدها : أي غليظ محل القيد منها ،فالعبل بفتح العين وسكون الباء آخره لام الغليظ ،ومقيدها بضم الميم وفتح القاف وتشديد الياء موضع القيد منها وهو قوائمها ،وعبل بالرفع قيل خبر لهيّ أو صفة لعذافرة أو خبر مقدم وما بعده مبتدأ مؤخر أو مبتدأ وما بعده فاعل سد مسد الخبر ، وقيل بالنصب مفعول لمحذوف تقديره أمدح أو حال من عذافرة
وقيل بالجرِّ صفة لنضاخة على لفظها ،أو لعذافرة على معناها.
في خلقها عن بنات الفحل تفضيل.........
أي في خلقتها عن الإناث من الإبل المنسوبة للفحل المعد للضراب تفضيل لها في الهيئة والقوة فخلقها بفتح الخاء وسكون اللام بمعنى الخِلقة ، وعن :  بمعنى على ، وفي خَلقها خبر مقدّم وتفضيل مبتدأ مؤخر ، غلباء وجناء الأول غِلَظُ العنق وهو بفتح الغين وسكون اللام.
و وجناء : بسكون الجيم وفتح الواو معناه العظيمة الوجنتين وهما ما ارتفع من الخدين ، وقيل الوجناء : الناقة الشديدة أخذا من الوجين وهو ما صلب من الأرض .
وعلكوم : بضم العين وسكون اللام وضم الكاف فمعناه الشديدة ويستوي فيه المذكر والمؤنث.
ومذكرة : بضم الميم وفتح الذال وتشديد الكاف المفتوحة أي كالذكر في عظم خِلقتها .
وفي دفها سعة : بفتح الدال وتشديد الفاء الجنب والمراد جنباها جميعا فهو مفرد أريد به مثنى ،وسعة بفتح السين ضد الضيق ، قوله : قدامها ميل : أي رقبتها طويلة وهو المراد بقدامها ،والميل بكسر الميم مد البصر والمعنى أن رقبتها قدر ميل ،ويجوز في قدامها النصب على الأصل والرفع على حد قوله :
فغدت كلا الفرجين تحسب أنه


مولى المخافة خلفها وأمامها

بدل من مولى أو خبر عنه ، إما ظرف لغَدَتْ أو مبتدأ ، وجلدها من أطوم: أي كأنه من جلد أطوم لنعومته وملاسته
واختلف في الأطوم  بفتح الهمزة فقيل إنها الزرافة ،وقيل سلحفات بحرية ، وقيل سمكة في البحر.
لا يؤبسه طلح: أي لا يذلـــــلـه ولا يؤثر فيه الطلح وهو بكسر الطاء تقال للقُراد ، وهذه الجملة إما خبر ثان للمبتدأ وهو جلدها أو مستأنفة لجهة التشبيه.
بضاحية المتنين: الباء بمعنى في ، وضاحية كل شيء ناحيته البارزة للشمس ، والمتنين: يريد به متني ظهرها أي ما اكتنف صلبها عن يمين وشمال من عصب ولحم.
مهزول : صفة لطلح أي مهزول من الجوع وإذا كان لا يؤثر فيه مع الجوع فأولى في عدم الجوع لأنه مع الشبع لا ينهمك على امتصاص الدم ، ولا يكثر ولوعه به .
حرف : أي هي حرف خبر لمبتدأ محذوف ، والمراد بالحرف هنا حرف الجبل وهو القطعة الخارجة منه وتشبيهها به في القوة والصلابة.
أخوها : أبوها من مهجنة :والمهجنة بضم الميم وفتح الهاء وتشديد الجيم كريمة الأبوين من الإبل والهجائن كرائم الإبل
وعمها : خالها وهو محتمل لأن يكون المراد أن أخاها أبوها حقيقة وأن عمها خالها كذلك .
وصوّر أبو علي الفارسي قوله أخوها أبوها: بأن ناقة أتت بفحل فضربها فأتت بهذه الناقة فأخوها وهو ذلك الفحل أبوها  وصوّر قوله: وعمها خالها بأن يضرب أبو أبيها أم أمها فتأتي ببعير فعمها وهو ذلك البعير خالها ، ويحتمل لأن يكون المراد أن أخاها يشبه أباها في الكرم وأن عمها يشبه خالها في ذلك .
قوداء : بفتح القاف وسكون الواو طويلة الظهر والعنق ، شمليل : بشين معجمة مكسورة هي الخفيفة السريعة
يمشي القراد عليها : أي يمشي القراد على تلك الناقة ، ثم يزلقه : بضم الياء وكسر اللام هو نقيض ثبات القدم
منها: أي عنها ، لبان : بفتح اللام فاعل يزلقه ومعناه هنا الصدر ، وقيل وسطه ، وقيل ما بين الثديين .
وأقراب : عطف على لبان ،والأقراب بفتح الهمزة الخواصر ، زهاليل : صفة للبان وأقراب معا ، و زهاليل أي ملس.
عيرانة : بفتح العين المهملة أي المشبهة في صلابتها عير الوحش أي حماره ، قُذفت بالنحض عن عرض : أي رميت باللحم من كل جانب من جوانبها ، فقُذفت بصيغة المجهول بمعنى رُميت ، والنحض بضم النون اللحم وعن: بمعنى مِن والعرض: بضمتين أو بضم فسكون الجانب والمراد منه هنا العموم .
مرفقها عن بنات الزور مفتول : أي مرفق تلك الناقة مصروف عما حوالي الصدر من الأضلاع وغيرها ، ومرفقها: مبتدأ ومفتول: خبره ، وبنات الزور : ما يتصل بالصدر مما حوله من الأضلاع وغيرها ، فالزور: بفتح الزاي الصدر ، وقيل وسطه ، والمفتول من الفتل وهو الصرف ، يقال فتل وجهه عنهم صرفه كما في القاموس .    
كأنما فات عينيها إلخ : حاصله أنه شبه وجهها بالبرطيل بكسر الباء في القوة والصلابة والاستطالة والصورة في الجملة على ما سيأتي فكأن أداة تشبيه وما: اسم موصول بمعنى الذي وهي اسم كان ، وجملة فات: صلة والعائد الضمير المستتر في فات وعينيها مفعول ، ومذبحها: معطوف عليه ، ومن خطمها بيان لما : ومن اللحيين معطوف على من خطمها
وبرطيل : خبر كان قال الأصمعي : الوجه كله فائت العينين إلا الجبهة  فإنها تكون فوقهما ، والمذبح و المنحر واحد ، والخطم بفتح الخاء المعجمة ، قال أبو عبيدة: الأنف ورُدّ بأنه لا يختص بالأنف لأنه الموضع الذي يقع عليه الخطام فيشمل الأنف وغيره ، واللحيان بفتح اللام العظمان اللذان تنبت عليهما الاسنان السفلى ، والبرطيل : معول من حديد أو حجر مستطيل .
تـمر مثل عسيب النخل : تمر بضم التاء أي تمر الناقة ذنبا مثل جريد النخل ، في الطول والغلظ ، ومثل صفة لموصوف محذوف وهو المفعول ، وعسيب النخل : جريده ، ذا خصل : بضم الخاء وفتح الصاد: اللفائف من الشعر ، وغارز : أي على ضرع ففي بمعنى على ، والمراد من الغارز هنا الضرع ، لم تخونه الأحاليل : أي لم تنقصه مخارج اللبن فالأحاليل هي مخارج اللبن ، قنواء : بفتح القاف أي مُحْدَوْدَبَةِ الأنف.
في حرتيها للبصير بها عتق مبين : الحرتان بضم الحاء : الأذنان ، والبصير بها: العارف بها بحيث يكون له معرفة بكرام الإبل ، والعتق بكسر العين وسكون التاء : الكرم ، والمبين : الظاهر ، وعتق مبتدأ خبره في حرتيها.
وفي الخدين تسهيل : أي وفي خديها سهولة ولين لا خشونة ، تخدي على يسرات: أي تسرع بقوائم خفاف ، فتخدي بمعجمة كترمي ، وعلى بمعنى الباء ، واليَسرات : بفتحات القوائم الخفاف ، وهي لا حقة : أي والحال أنها لاحقة بالنوق السابقة عليها أو بالديار البعيدة عنها وقيل اللاحقة الضامر .
ذوابل مسَّهُن الأرض تحليل : ذوابل بالتنوين للضرورة وهو خبر ثان ، والذوابل جمع ذابل : وهي الرمح الصلب اليابس
والمعنى: أن تلك اليسرات كالذوابل أي كالرماح الصلبة مسهن الارض إلخ : أي مس تلك اليسرات للأرض شيء قليل لسرعة رفع قوائمها فلا تمس الأرض إلا تحلة القسم وهو معنى قوله تحليل.
سمر العجايات : أي هي سمر العجايات أي سمر عجايتها أي عجاياتها كالسمر أي كالرماح السمر في الشدة ، والسمرة لون يقرب من السواد ، والعجايات وهي الأعصاب المتصلة بالحافر ، وقيل اللَّحمة المتصلة بالعصب المنحدر من ركبة البعير إلى الفِرْسِنْ فشبه عصبها أو لحم قوائمها بالرماح السمر .
يتركن الحصى زيما : أي يجعلن الحصى متفرقا فزيما حال من الحصى ، لم يقهن رءوس الأكم تنعيل : أي لم يقِ تلك اليسرات رءوس الروابي المرتفعة من الأرض شد النعل على خفها لأنها صلبة شديدة فلا تحفى في  سيرها فلا تحتاج للتنعيل ، والوقاية : الحفظ ، ورءوسَ منصوب بنزع  الخافض والأصوب أنها مفعول ثان ليقهن ،والأكم بضم الهمزة وسكون الكاف الرابية المرتفعة من الأرض ،والتنعيل : شد النعل .
كأن أوب ذراعيها : والأوب بفتح الهمزة وسكون الواو سرعة التقلب ، وخبر كأن قوله في البيت الحادي والثلاثين ذراعا عيطل أي أوب ذراعي عيطل نصف إذا عرقت: أي وقت عرقها .
وقد تلفع بالقور العساقيل : بفتح المثنات والفاء المشددة معناه التَحَفَ واشتمل ، قال الشاعر :
لم تتلفع بفضل مئزرها دعد ولم تغد دعد في العلب ، والقور بضم القاف بعدها واو جمع قارة وهي الجبل الصغير
والعساقيل: بفتح العين له معنيان أحدهما وهو المراد هنا السراب ، وثانيهما نوع من الكمأة وهي الكبار البيض التي يقال لها شحمة الارض.
يوما يَظل به الحِرباء : يعني أن القور التي هي الجبال الصغار تلفعت بالسراب في يوم يظل به الحرباء بكسر الحاء : حيوان بري له سنام كسنام الإبل يستقبل الشمس ، ويدور معها كيف دارت ويتلون ألوانا بحرِّ الشمس ويكون في الظل أخضر.
ومصطخدا : بكسر الخاء المعجمة وبالدال أي محترقا بحرِّ الشمس ، يقال اصطخد : إذا اصطلى بحرِّ الشمس
كأن ضاحيه بالشمس مملول : والضاحي : البارز للشمس قال الشاعر :
ضحيت له كي أستظل بظله


إذا الظل أضحى في القيامة قالصا

فوا أسفي إن كان سعيي باطلا


و واحزني إن كان قيل حجي ناقصا

أي كأن الضاحي من الحرباء بمعنى البارز للشمس منه خبز معمول ، بالملة: بفتح الميم قد أنضجته النار بشدة حرها ، والضمير في ضاحيه عائد لليوم أو للحرباء ،والإضافة بمعنى في على الأول ،وبمعنى من على الثاني ، ومملول اسم مفعول من مللت الخبز بفتح الميم أمله  ، والـمَلَّة : الرماد الحار ، وحاصل معنى البيت أن الجبال الصغار تلفعت بالسراب في يوم يصير فيه الحرباء محترقا بالشمس كأن البارز للشمس في ذلك اليوم أو من ذلك الحيوان خبز معمول بالملة بفتح الميم .
وقال للقوم حاديهم:  أي قال الحادي الذي هو سائق الإبل بالغناء تنشيطا لها ، على السير: وهو فاعل قال ومقول القول قوله في آخر البيت قيلوا أي قال لهم قيلوا من شدة الحر.
وقد جعلت ورق الجنادب يركضن الحصى : أي والحال أنه قد أخذت وشرعت الورق من الجنادب أو الجنادب الورق يركضن الحصى بأرجلهن من شدة الحر فلا يمكنهن التمكن عليه لكونه محمى بالحر ولا الطيران  عنه لإعيائهن بتأثير الحر فيهن ، وجعلت:  بمعنى أخذت وشرعت ، والورق : بضم الواو جمع أورق كحَمرٍ جمع أحمر والأورق هو الأخضر ، الذي يضرب إلى السواد ،وقيل الورقة لون يشبه لون الرماد ، والجنادب جمع جندب بضم الدال وقد تفتح : وهو ضرب من الجراد ، وقيل الصغير منه ،وإنما يكون هذا الصنف في القفار الموحشة القوية الحرارة البعيدة من الماء ،ومعنى يركضن : يحركن الحصى بأرجلهن .

قيلوا : أي من شدة الحر في القفار الموحشة البعيدة من الماء ، شد النهار : شد بمعنى ارتفع يقال جئتك شد النهار أي وقت ارتفاعه ، قال عنترة :
فطعنته بالرمح ثم علوته


بمهند صافي الحديدة مِـخذم       

عهدي به شد النهار كأنما



خضب البنان ورأسه بالعِظلم

وهو مبالغة في شدة الحر  وهو إما ظرف لأوب أو لقيلوا ، أو بدل من يوما في قوله: يوما يظل.
ذراعا عيطل نصف :ذراعا خبر كأن في قوله كأن أوب ذراعيها : أي كأن أوب ذراعي هذه الناقة في هذه الحالات أوب ذراعي امرأة طويلة ، في السن بين الشابة والكهلة ، وما أحسن قول الحماسي :  
لا تنكحن عجوزا إن دعيت لها


واخلع ثيابك منها مُـمْعنا هربا

وإن أتوك وقالوا إنها نصف


فإن أمثل نصفيها الذي ذهبا

وإنما وصفها بالطول في قوله: عيطل وبالتوسط في السن في قوله نصف ؛ لأن الطويلة تكون أطول ذراعا ،والمتوسطة في السن تكون في حين استكمال قوتها وبلوغ أشدها وحينئذ تكون أسرع في الحركة وأمكن في القوة ،قامت : أي تلك العيطل النصف تلطم وجهها لشدة حزنها على ولدها  ، فجاوبها نكد مثاكيل :والنكد بضم النون وسكون الكاف جمع نكداء وهي التي لا يعيش لها ولد ، والمثاكيل : بفتح الميم جمع مثكال كثيرة الثكل وهو فقدان المرأة ولدها كما في المختار.
نواحة : أي هي نواحة خبر مبتدأ محذوف وهي بفتح النون وتشديد الواو ، كثيرة النوح على ميتها
رخوة الضبعين :أي مسترخية العضدين فتكون أسرع حركة من غيرها ، فرخوة بكسر الراء ، والضبعين بسكون الضاد
ليس لها – لما نعى بكرها الناعون معقول : أي ليس لتلك المرأة حين أخبرها الناعون بموت أول أولادها عقل لأن أول
أولادها أعز عليها من غيره وقد نعاه لها المخبرون ،ولما: بمعنى حين ، ونعى : بمعنى أخبر بالموت ،وبكرها: أول أولادها
قال جرير :
نعى النعات أمير المومنين لنا


يا خير من حج بيت الله واعتمرا

والمعقول هنا بمعنى العقل ، تفري اللبان : أي تقطع تلك المرأة صدرها بأنامل أصابع كفيها فلذهاب عقلها صارت تقطع صدرها بأناملها ،وتفري بفتح التاء ،واللبان بفتح اللام ، بكفيها : أي بأنامل أصابع كفيها.
ومدرعها مشقق عن تراقيها رعابيل : أي وقميصها مشقوق كثيرا عن عظام صدرها قطع كثيرة ، والرعابيل كعصافير : القطع جمع رعبول كعصفور وهو القطعة من الشيء ، ومشقق خبر أول ورعابيل خبر ثان.
تسعى الوشات : وتسعى مضارع سعى بمعنى وشى أو مضارع سعى ، إذا أسرع في سيره ،والوشاة جمع واش كغزاة وهم الذين يوشون بين المحب والمحبوب ليفسدوا بينهما ،سموا وشاة لأنهم يشون الحديث أي يزينونه أخذا من الوشي الذي هو تزيين الثياب.
جنابيها : أي سعاد ، والجنابان تثنية جناب بفتح الجيم : وهو فناء الشيء بكسر الفاء وما قرب من محلة القوم فالمعنى تسعى الوشاة في جهاتها بالإفساد بينه وبينها وتنفرها عنه ، ولم تزل الناس قديما وحديثا على ذم الوشاة والتحذير منهم ولله در القائل :
عندي لكم يوم التواصل دعوة


يا معشر الجلساء والندماء

أشوي كبود الحاسدين بها


وألـــــسنة الوشاة وأعين الرقباء

وقال آخر :
لا تسمعن من الحسود مقالة


ولو كان حقا ما يقول الواشي

وقولهم إنك يا ابن أبي سلمى لمقتول :والمراد بابن أبي سلمى كعب بن زهير ابن أبي سلمى ، ومعنى مقتول متوعد بالقتل فاللام فيه للابتداء ،وفائدتها زيادة التأكيد لأنه صلى الله تعلى عليه وسلم قال (( من لقي كعبا فليقتله )) ، والحاصل أن أمر الوشاة معه يرجع إلى مقصدين : الأول سعيهم بينه وبينها لتنفيرها عنه وهو المعني بقوله تسعى  إلخ .
الثاني : إرجافهم له وتخويفهم إياه وإظهار الشماتة به وهو المعني بقوله وقولهم إنك إلخ ، وقال كل خليل : عطف على قوله وقولهم إنك إلخ :فهو من عطف الجملة الفعلية على الاسمية فالتقدير وقالوا إنك إلخ وقال كل خليل إلخ ، فلما سمع الوعيد من الوشاة جاء لأخلاّئه الذين كان يأملهم للشدائد ويستجير بهم فقالوا له ما ذكر يأسا من سلامته خوفا من غضب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عليهم إن آووه ونصروه وكل هنا للمبالغة ، والخليل من الخلة بالضم وهي صفاء المودة .    
كنت آمله : أي آمل خيره وأترجى إعانته لي في المهمات لأن الذوات لا تؤمل ، لا ألهينك : أي لا أشغلنك عما أنت فيه من الخوف والفزع بأن أسهله عليك ، وأسليك فاعمل لنفسك فإني لا أغني عنك شيئا .
إني عنك مشغول : أي لأني مشغول عنك بأمور نفسي فلا تطلب مني نصرة ولا معونة ، فقلت خلوا سبيلي : أي فقلت للأخلاء اتركوا طريقي لأذهب لرسول الله صلى الله تعلى عليه وسلم لأنه تحقق أنه صلى الله تعلى عليه وسلم
يقبل من جاء إليه تائبا ولا يطالب بما كان قبل الإسلام.
لا أبا لكم : بإشباع الميم ذم لهم لكونهم لم يغنوا عنه شيئا ووجْهُ كون ذلك ذما أنه كناية عن الخسة لأن نفي النسب وجهله يستلزم خسة المنفي عنه
فكل ما قدر الرحمن مفعول: أي لأن كل شيء قدره الرحمن من حياة أو موت أو غيرهما مفعول لا محالة فالفاء للتعليل ، وما : نكرة موصوفة بمعنى شيء والجملة بعدها صفة ، ومفعول خبر كل ، فتيقن أن ما قدره الله لا بد منه.
كل ابن أنثى : كل مبتدأ خبره محمول ، وإن طالت سلامته : عطف على محذوف والتقدير إن قصرت سلامته
وإن طالت: أي مستويا قصر سلامته وطولها ، ويوما : ظرف لمحمول مقدم عليه أي محمول في يوم على آلة.
وحدباء : من معانيها الصعبة والمرتفعة ومنه الحدب من الأرض :أي المرتفع منها والمراد بالآلة الحدباء هنا النعش سمي بذلك لضيقه ، أو لارتفاعه على القولين المذكورين في معنى الحدباء ، وقيل أخذا من قولهم ناقة حدباء إذا بدت جوانبها ،والظاهر أنه سمي بذلك تشبيها بالرجل الأحدب ، وما أحسن قول الشاطبي ملغزا في النعش :
أتعرف شيئا في السماء يطير


إذا سار صاح الناس حيث يسير

فتلقاه مركوبا وتلقاه راكبا


وكل أمير يعتليه أسير

يحض على التقوى ويكره قربه
ولم يستزر عن رغبة في زيارة


وتنفر منه النفس وهو نذير
ولكن على رغم المزار يزور

محمول : أي محمول إلى القبر على آلة حدباء.
أنبئت أن رسول الله أوعدني


والعفو عند رسول الله مأمول

جميع ما تقدم توطئة لهذا البيت فإن غرضه من القصيدة التنصل والاستعطاف ،ومعنى أنبئت أخبرت خبرا صادقا ،والوعد في الخير ، والايعاد في الشر ، قال الشاعر :
وإني إذا أوعدته أو وعدته


لمخلف إيعادي ومنجز موعدي

وفي البيت إعادة ذكر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لإظهار التفخيم ، والتعظيم ولهذا أتى بعند ولم يأت بمن لأن عند أدل على التفخيم ، ويذكر أنه صلى الله تعالى عليه وسلم لما سمع هذا البيت قال (( العفو عند الله )).
مهلا : هذا البيت وما بعده تتميم للاستعطاف ،وأصل مهلا أمهل علي  إمهالا ، فهو مصدر أنيب عن فعله وحذف زائداه وهما الهمزة والألف.
هداك : أي زادك هدى فاقتضى ذلك هدى سابقا وهدى لاحقا ، وقيل المراد هداك الله للصفح والعفو عني فيكون في الحقيقة داعيا لنفسه.
الذي أعطاك نافلة القرآن :أي الله الذي أنزل عليك نافلة هي القرآن فالإضافة بيانية ،وسماه نافلة ، لأنه زائد على العلوم النبوية التي أعطاه إياها.
فيها مواعيظ : وفي نسخة مواعيد وكلاهما بالتنوين للضرورة ، وتفصيل : بالصاد المهملة أي تبيين ما يحتاج إليه من أَمْرَيْ المعاش والمعاد وأحكام الأصول والفروع
لا تأخذني بأقوال الوشاة : هذا البيت من تمام الاستعطاف والتلطف في القول أي لا تستبح دمي بسبب أقوال الوشاة الساعين بيني وبينك بالإفساد والكذب.
ولم أذنب : أي والحال أني لم أذنب ذنبا أكون مؤاخذا به لأن الله هداني للإيمان ، والايمان يجب ما قبله .
وإن كثرت فيَّ الأقاويل : عطف على محذوف أي إن لم تكثر في شأني الأقاويل وإن كثرت ، والأقاويل المراد بها هنا : الاكاذيب.
لقد أقوم مقاما : أي والله لقد أقوم مقاما إلخ:  فهو جواب قسم محذوف ،والمقام بفتح الميم :ظرف مكان والمراد به مجلس النبي صلى الله تعلى عليه وسلم والمراد بالقيام فيه حضوره ، والمعنى على المضي أي لقد حضرت لو يقوم به :
أي لو يحضر فيه فيقوم بمعنى يحضر وبه بمعنى فيه .
أرى : مفعوله محذوف والتقدير أرى ما لو يراه الفيل ،وجواب الشرط محذوف دل عليه المذكور أي لظل يرعد .
وأسمع ما لو يسمع الفيل : أي وأسمع الذي لو يسمعه الفيل أو شيئا لو يسمعه الفيل فما إما موصولة بمعنى الذي والجملة التي بعدها صلة ، أو موصوفة بمعنى شيئا .
والجملة التي بعدها صفة ، وتقدم أن جواب الشرط لظل يرعد ، والمعنى على المضي أي لقمت ورأيت وسمعت ووقع التنازع بين يقوم ويسمع في الفاعل وهو الفيل ، وأشار في هذا البيت إلى هيبة رؤيته صلى الله تعالى عليه وسلم فقد كان صلى الله تعالى عليه وسلم مهابا في نفسه محفوفا بالجلال والعظمة يهابه كل من رآه .
لظل يرعد : هذا جواب لو على ما تقدم ، فهذا البيت مرتبط بالبيت قبله ،وظل بمعنى صار ،ومعنى يرعد بفتح الياء وضم العين تأخذه الرعدة وهو بالبناء للفاعل ويصح بناؤه للمفعول يقال أرعد فلان إذا أخذته الرعدة ، والمعنى لصار الفيل يضطرب ويتحرك من الفزع وإنما خصه بذلك ، لأنه أراد التعظيم ، والفيل أعظم الدواب ، إلا أن يكون : يحتمل أنه مضارع كان الناقصة وتنويل اسمه مؤخر وله خبره مقدما ، وأنه مضارع التامة فتنويل فاعله .
له من الرسول بإذن الله تنويل : أي إلا أن يكون له من الرسول بإذن الله تأمين يسكن به روعه ، فالمراد بالتنويل التأمين  
وحاصل معنى البيتين أني قد حضرت مجلسا هائلا ورأيت فيه أمرا عظيما ، وسمعت فيه كلاما عجيبا بحيث لو حضر فيه الفيل ورأى ما رأيت وسمع ما سمعت لأصابته الرعدة إلا أن تحفه العناية بتأمين الرسول له .
حتى وضعت يميني : أي فوضعت يميني فحتى بمعنى الفاء وهي عاطفة على قوله لقد أقوم وما بعد حتى داخل في حكم ما قبلها ، فإنه كان عند وضع يمينه في كف رسول الله صلى الله تعلى عليه وسلم أخوف منه في غير تلك الحالة
لا أنازعه : أي حال كوني غير منازع له وغير مخالف في شيء أصلا بل طائعا له راضيا بحكمه فيَّ.
في كف ذي نقمات : أي في كف صاحب نقمات بفتح النون وكسر القاف وهي جمع نقمة بكسر النون وسكون القاف والمراد بصاحب النقمات النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لأنه كان ينتقم من الكفار فكان شديد السطوة عليهم.
قيله القيل : أي قوله هو القول المعتد به لكونه نافذا ماضيا فالقيل بمعنى القول فيهما ، يشير بهذا البيت إلى حاله مع النبي صلى الله تعلى عليه وسلم حين قدم عليه وهو في المسجد ووضع يده في يده وقال يا رسول الله إن كعب بن زهير جاء ليستأمنك تائبا مسلما فهل أنت قابله إن أنا جئتك به قال نعم ، فقال يا  رسول الله أنا كعب .
لذاك أهيب: أي والله لذاك أهيب إلخ فاللام واقعة في جواب قسم مقدر ،ويحتمل أنها للابتداء ،وفي نسخة فذاك بالفاء وعلى كلٍ فاسم الإشارة عائد على ذي النقمات وهو النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ،ومعنى أهيب: أشد هيبة  وهو أفعل تفضيل والمفضل عليه في البيت الآتي في قوله من خادر.
وعندي : ظرف لأهيب ،وكذلك إذ على الصواب ،وجملة أكلمه في محل جر بإضافة إذ إليه أي وقت كلامي إياه ، وقيل : عطف على أكلمه أو حال من ضميره أي وإذ قيل لي أو حال كونه قد قيل لي قبل ذلك .
إنك منسوب : أي إنك يا كعب منسوب إلى أمور صدرت منك كقولك سقاك بها المأمون ، ومنعك أخاك بجيرا من الإسلام وتعييرك له به.
ومسئول : أي عن سببها أو عن نسبك فقد سأله صلى الله تعالى عليه وسلم عما أوشي في حقه للنبي صلى الله تعلى عليه وسلم ليطالبه بالخروج منه ، وتكلم معه في نسبه ومن أي قبيلة هو وهذا من باب التوبيخ له إذ كان أوى إلى قبيلته
التي هي مزينة لتجيره من النبي صلى الله تعلى عليه وسلم فأبت ذلك ، وكأنه يقول من قبيلتك التي تجيرك مني ومن قومك الذي يعصمونك مني ، فقد تبرءوا منك .
من خادر : يعني أن النبي صلى الله تعلى عليه وسلم أشد هيبة عنده من خادر أي من أسد خادر ، والخادر هو الداخل في خدره أي أَجَـمَته وهي الشجر الملتف  ، وإنما خص الأسد إشارة إلى أنه أعظم الحيوانات هيبة
من ليوث الأُسْدِ : أي كائن من ليوث الأسد ،والليوث جمع ليث ،والأسد بضم الهمزة وسكون السين جمع أسد .
مسكنه من بطن عثر : أي مأواه من بطن عثر بفتح العين المهملة وتشديد المثلثة كشمر وهو اسم مكان مشهور بكثرة السباع ،ومسكنه مبتدأ خبره غيل الاول والجملة صفة  أخرى لخادر دونه ، وغيل الثاني فاعل بالظرف قبله ،أو مبتدأ خبره الظرف قبله ،والغيل بكسر الغين المعجمة الأَجَـمَة ودونه أي قريب منه وفي نسخة بعده ، والمعنى أن مسكنه أجمة قريبة من أجمة ، وذلك أشد لتوحشه وقساوته وآكد لضرره وضراوته ، وعُلم مما تقدم أن مسكن الأسد يقال له خدر وغيل ، ويقال له أيضا أجمة وزَارة بفتح الزاي .
يغدو : بغين معجمة أي يذهب في أول النهار يتطلب صيدا لولديه  ، فيلحم ضرغامين : أي فيطعمهما لحما يقال لحَمْتُه من باب نفع أي أطعمته لحما ،وحكى الأصمعي : ألحمته فهو بفتح الياء والحاء على الأول ، وبضم الياء وكسر الحاء على الثاني ، والمراد بالضرغامين: ولداه .
عيشهما لحم من القوم : أي قوتهما لحم مأخوذ من القوم وهم جماعة الرجال فالمراد من عيشهما قوتهما وقد خص ذلك بلحم القوم الذين هم جماعة الرجال مبالغة في الشدة والقوة .
معفور : صفة للحم أي ملقى في العفر وهو التراب ، خراديل :صفة أخرى للحم أي قطع صغار جمع خردلة وهي القطعة من الشيء ، يقال خردلت اللحم إذا قطعته قطعا صغارا .
إذا يساور قرنا لا يحل له


أن يترك القرن إلا وهو مجدول

المساورة :المواثبة ،والقرن بكسر القاف المقاوم لك في شجاعة أو علم ، والسوار : بتشديد الواو الوثاب ،وقوله : لا يحل له : أي لا يتأتى ذلك له ، حتى كأنه محرم عليه ،وفيه تكرار الظاهر ،والمجدول الملقى بالجدالة وهي الأرض ،والمساورة هي المواثبة التي هي مفاعلة من الجانبين لأن كلا منهما يَثِبُ على الآخر .
منه تظل : من أجل ذلك الخادر تسير سباع الجو : ما اتّسع من الأودية أو البر الواسع ، ساكنة ممسكة فمن تعليلية والضمير راجع على الخادر ،وتظل أي تصير ، والجو : الواسع من الأرض
ضامزة : ساكتة ، قال الشاعر :
وهن وقوف ينتظرن قضاءه


بضاحي عذات أمره وهو ضامز

والعذات : بالعين المهملة الأرض الطيبة ، ولا تمشي بواديه الاراجيل : وتمشي بضم المثنات الفوقية وفتح الميم وتشديد الشين ، والباء بمعنى في ، والضمير في واديه عائد على الخادر ، والاراجيل جمع أرجال كأناعيم جمع أنعام ،وأرجال جمع رجل كأفراخ جمع فرخ ورجل اسم جمع لراجل وهو ضد الفارس .
ولا يزال بواديه : والضمير في واديه عائد على الخادر السابق ، أخو ثقة : المراد منه هنا الشجاع الواثق بشجاعته ،وأخو ثقة اسم يزال و بواديه خبره.
مطرح البز والدرسان : والبز بفتح الباء وبالزاي المشددة المراد به هنا السلاح ، والدرسان بكسر الدال وسكون الراء وفتح السين جمع درس وهو الثوب الخَلِقْ ، فمعنى الدرسان الثياب الخلقة التي قد درست ،ومطرح بضم الميم وفتح الطاء وتشديد الراء مفتوحة بمعنى مطروح صفة لقوله أخو ثقة .
مأكول : صفة أخرى لقوله أخو ثقة أي مأكول لذلك الخادر ومعنى البيت أن هذا الخادر لا يزال بواديه الشجعان المأكولة وثيابهم البالية مطروحة وسلاحهم مطروح .
إن الرسول لسيف يستضاء به


مهند من سيوف الله مسلول

وفي هذا البيت رجوع إلى تمام مدحه صلى الله تعلى عليه وسلم بعد أن وصف الأسد الذي جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد هيبة منه ، وجعله صلى الله عليه وسلم على الرواية التي هي لسيف من قبيل التشبيه البليغ كما في قولهم فلان أسد ،يستضاء به أي يهتدى به إلى الحق وقد كانت عادة العرب أنهم إذا أرادوا استدعاء من حولهم من القوم شهروا السيف الصقيل فيبرق فيظهر لمعانه من بُعد فيأتون إليه مهتدين بنوره ، وكذلك النبي صلى الله تعلى عليه وسلم لما جاء بالنور المبين والمعجزات
الظاهرة ودعا الناس إليه أتوا مهتدين بنوره الساطع ومؤتمين بضيائه اللامع  ، وقوله مهند: بضم الميم وفتح الهاء وتشديد النون أي منسوب إلى الهند ،وإنما نسب إليه لأن سيوف الهند أحسن السيوف ، من سيوف الله : أي من سيوف عظمها الله بنيل الظفر والانتقام ، ومسلول : أي مخرج من غمده ، ولما وصل كعب إلى قوله : إن الرسول رمى صلى الله تعالى عليه وسلم عليه بردته الشريفة ،وبذل له فيها معاوية عشرة آلاف فأبى عنها واختارها .
في فتية من قريش : لما مدح النبي صلى الله تعلى عليه وسلم أخذ في مدح المهاجرين من الصحابة رضي الله تعلى عنهم أي حال كونه كائنا أو مبعوثا في فتية من قريش ، والفتية بكسر الفاء وسكون التاء جمع فتى وهو السخي الكريم وإن كان شيخا ومن بمعنى بعض .
قال قائلهم : أي قال القائل الذي هو من تلك الفتية ،واختلف فيه ، فقيل هو حمزة ابن عبد المطلب وقيل هو عمر بن الخطاب .
ببطن مكة : أي في بطن مكة أي واديها وبطحاؤها ، لما أسلموا : فلما بمعنى حين وهي ظرف لقال ، زولوا : فعل أمر من زال التامة أي تحولوا وانتقلوا من مكة إلى المدينة ، زالوا: أي ذهبوا و هاجروا من مكة إلى المدينة ، فما زال أنكاس : أي فما تحول وانتقل ضعاف ،  فالأنكاس بفتح الهمزة معناه الضعاف جمع نكس وهو الرجل الضعيف .
ولا كشف : بضم الكاف والشين جمع أكشف وهو الذي لا ترس معه في الحرب ، عند اللقاء : أي عند ملاقات الاعداء ، ولا ميل : بكسر الميم جمع أميل وهو الذي لا سيف معه أو الذي لا يحسن الركوب ولا يستقر على السرج
قال جرير :
لم يركبوا الخيل إلا بعدما


هزموا فهم ثقال على أكفالها ميل

معازيل ولا معازيل: وهو بفتح الميم والعين المهملة وبعد الالف زاي جمع معزال بكسر الميم وهو الذي لا سلاح معه
شم العرانين : أي هم شم العرانين والشم بضم الشين المعجمة جمع أشم وهو الذي في قصبة أنفه علو مع استواء أعلاه مأخوذ من الشمم وأصله الارتفاع مطلقا ، والعرانين:  بفتح العين جمع عرنين بكسرها وهو الأنف يحتمل أن يكون أراد به حقيقته أو استعارة عن رفع القَدْرِ والعُلو لأنه يقال للرجل المرتفع القدر في أنفه شمم.
أبطال : صفة أو خبر ثان ،والأبطال جمع بطل بفتحتين وهو الشجاع ، لبوسهم : واللبوس بفتح اللام ما يلبس من السلاح مبتدأ خبره سرابيل ، من نسج داوود : صفة لقوله لبوسهم ، في الهيجا سرابيل : والمراد بنسج داوود أي منسوجه وهو الدروع ،والهيجا : الحرب ، والسرابيل: جمع سربال وهو الدرع أو القميص كما في المصباح.
بيض سوابغ : صفتان لسرابيل ، ومعنى بيض مجلوة صافية ،ومعنى سوابغ : طوال تامة ، قد شكت : بالبناء للمجهول ونائبه ضمير يعود على الدرع.
لها : واللام بمعنى مِن ، أي شكت منها حِلَقٌ ثم إنه يُروى شكت بالشين المعجمة ، بمعنى أدخل بعضها في بعض وإنما يكون ذلك في الدروع المضاعفة ، فالشك بالشين المعجمة في الأصل إدخال الشيء في الشيء ،ويروى سُكَّتْ بالسين المهملة بمعنى ضُيِّقَتْ .
حلق : والحلق بفتحتين على الصحيح ، كأنها حلق :  أي كأن تلك الحلق التي هي حلق دروعهم حلق.
القفعاء :  بفتح القاف وسكون الفاء وفتح العين وهي شجر ينبسط على وجه الارض ، له حلق يشبه به حلق الدروع
مجدول : صفة أخرى لحلق ومعنى مجدول محكم الصنعة .
لا يفرحون إذا نالت : أي لا يحصل فرح ولا سرور لهم إذا أصابت رماحهم الأعداء وغلبوهم بأن ذلك من عادتهم بكونهم يكثرون الظفر بالأعداء ، والفرح إنما يكون بالشيء النادر القليل الوقوع ، فنالت: بمعنى أصابت ، رماحهم : بإشباع الميم والرماح معروفة ،قوما : تقدم أن القوم الجماعة من الرجال .
وليسوا مجازيعا إذا نيلوا : أي وليسوا كثيرين الجزع والخوف إذا أصيبوا وغلبوا لجلدهم وصبرهم على الحرب فإذا غلبهم العدو فلا يجزعون ولا يمنعهم ذلك من ملاقته مرة ثانية خوفا ،فمجازيعا بفتح الميم والجيم وبزاي معجمة جمع مجزاع
وهو كثير الجزع والخوف .
 وحاصل معنى البيت : أنهم إذا غَلبوا عدوّهم لا يفرحون بذلك لكونه من عادتهم التي تقع لهم كثيرا  ، وإذا غلبهم العدو لا يجزعون من لقائه ثانيا.
يمشون مشي الجمال... إلخ : أي يمشون مشيا مثل مشي الجمال إلخ فمشي: نائب عن صفة مصدر محذوف وهو مبين النوع ،وغرضه بذلك وصفهم بامتداد القامة وعظم الخلق والرفق في المشي وبياض البشرة وذلك دليل على الوقار والسودد
فهم سادات لا عبيد ،وعرب لا أعراب .
والزهر: صفة للجمال وهو بضم الزاي جمع أزهر وهو الأبيض ، يعصمهم ضرب : أي يمنعهم ويحميهم من الأعداء ضربهم إياهم بالسيوف والرماح لا التحصن بالحصون.
إذا عرَّد : أي وقت أن فرّ وأعرض  فإذا بمعنى وقت وقد تنازع فيه يمشون ويعصمهم ،وعرد بفتح العين المهملة وتشديد الراء وفي آخره دال مهملة ، ومعناه فرَّ وأعرض وهذا هو المناسب هنا.
السود : جمع أسود ، التنابيل : بفتح المثنات الفوقية جمع تنبال كتمساح وهو القصير .
 لا يقع الطعن : أي لا يقع طعن القوم لهم في ظهورهم بل في نحورهم إذ لا ينهزمون حتى يقع الطعن في ظهورهم بل يقدمون على أعدائهم فلا يقع الطعن إلا في صدورهم .
إلا في نحورهم : أي صدورهم  .
 وما لهم عن حياض الموت تهليل : ويُروى فما لهم بالفاء أي ليس لهم من الأمكنة التي فيها مجتمع الموت ، كحيضان الماء التي فيها مجتمعه ، وتهليل : أي تأخر ، فالحياض بالضاد المعجمة جمع حوض بمعنى الأمكنة التي فيها مجتمع الموت كحيضان الماء ،ويروى حياص الموت بالصاد المهملة جمع حوص بمعنى مضائقه وشدائده ، وروي أنه لما أنشد كعب هذا البيت نظر رسول الله صلى تعالى عليه وسلم إلى من كان بحضرته من قريش كأنه يومئ إليهم أن اسمعوا ، ويؤخذ من هذا ومن نظيره فيما تقدم استحباب سماع هذه القصيدة لما اشتملت عليه من نعوت الحضرة النبوية وأوصاف أصحابه المرضية وغيرها من الفضائل البهية والشمائل السنية ،ومعرفة القواعد العربية  ،والفوائد الأدبية ، ويوجد في نسخ المتن بيتان ليس من كلام الناظم وهما :
اقبله يا خير حاف بل ومنتعل


فالهم مجتمع والقلب مشغول

تكون للآل والاصحاب قد جمعت


فكلهم لي محبوب وموصول

انتهى ما لخصه الكاتب غفر الله له من شرح الباجوري على بانت سعاد ، وربما نقلت شيئا من كلام شارحها العلامة الامام الشيخ أبي محمد جمال الدين عبد الله بن هشام الانصاري وجميع ما كتبت في هذا الشرح جله من كلام
الأول وليس لي فيه إلا تحريك الأصابع بالقلم أو اختصار الكلام أو حذف بعضه تارة .
وكتبه محمد يحظيه ابن الطاهر غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين .
والحمد لله رب العالمين.
 مشائخ محمد يحظيه بن الطاهر رحمه الله تعالى :    
1- محمد عبد الله بن التيجان (من أهل الفاضل ) وقد أعطاه إجازة في القرآن الكريم
2- أحمد بن مود أخذ عليه الفقه
3- بدين الجكني أخذ عليه العربية
4- الحاج بن فحف المسومي درس عليه .
5- ودرس رسم الطالب عبد الله على محمد محمود بن الصبار (احمود )
ومن أبرز طلاب الوالد رحمه الله تعالى
1- محمد يحظيه بن البار رحمه الله
2- محمد يحظيه بن سيد المختار  رحمه الله
3- سيد بن دمين رحمه الله
4- محمد محمود بن الشيخ بن غال
5- متار بن سيد إبراهيم رحمه الله
6- إبراهيم بن من
7- محمد محمود بن عبد
8- محمد الأمين بن الصبار
9- عبد الله بن غال بن أحمد المرابط
ويقدر طلاب محظرة الوالد رحمه الله تعالى بالمآت ، وذلك قبل فترة استقلال موريتانيا  ، سنة 1960 م
وبعد استقلال موريتانيا قل أفرادها  ، وهذه المعلومات أخذتها عن طريق مقابلة أجريتها مع محمد الأمين بن الصبار بالرياض في شهر شوال سنة (1425) هـ   
وكتبه محمد فاضل بن الطاهر غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين .

وقال محمد يحظيه بن الطاهر يرثي شيخه أحمد بن مود :    
قد حق لي انسكاب دمعي دما


على انفقاد من علا كل فتى

وأحزاني اتصلت لن تفترا


ما أخلف الإله من بقية

على ممات أحمد شمس الهدى


في دهره فيا لها مصيبة

مصيبة عمت رزاياها البرى


هامت لها كل فتاة وفتى

قد فقد العلم أوان فقده


فروجعوا فيا لها رزية

قد حصل العلوم كلا أجمعا


ما في الأصول والحواشي والمتن

علمها للناس طرا أجمعا


كبيرها فتاتها كذا فتى

وآلف التقوى زمانا مقترن


مخافة من الإله رهبة

مناخ من أتى ورحبا متحفا


ديدنه في الدهر شيخا وفتى

اتبع الحق وعكسه ظعن


عنه أقام اليل كلا رغبة

فلن ترى أحمد قط معرضا


عن ذكر أو تعليم أو تلاوة

أو قائما أو راكعا أو ساجدا


أو فائدا علما له طلاوة

كم ظالم أتى بدعوى مثبتا
وأوصل المظلوم حقا منصفا


فردها باطلة باطلة
حكمه بالشرع لا مخافة

تبا لدهر لا يرى فيه ولا


يرجى لقاؤه حياة مدة

فالدهر ذو تقلب ونقمة


لا وصل فيه دائما مستثبة

فلن تصاب قرية بعد بما


أصيب ذا الحي ولا ناحية

لو استطعت أن أعيش في الخلا


من بعده فذاك عندي نعمة

فالحي لا أحمد فيه كالخلا


وكفريق راحل مشتة

لكن ذا الرب لمن تصبرا


وفوض الأمر له كفاية

سقى الإله قبر أحمد غدا


سحائبا سحابة دائمة

على محمد صلاة ما فتن


شيطان ذي الأمة شخصا فافتتن

وقال سيد أحمد بن الشيخ المعلوم يرثي محمد يحظيه بن الطاهر - رحمهما الله تعالى-  
عظم المصاب فحارت الأفكار


ظعن الأحبة شابه إنذار

ناع المكارم قد أصبت بألة


ضمن الضلوع لوقعها إسعار

أو قد ترحل للجنان وحورها


حلف الدراية والهدى النظار

يحظيه تلو محمد خدم الشريعــــة


ساهرا أو مهجرا عمار

عشق المعارف يافعا فارتادها


يفر المصاعب عزمه البتار

ألف العبادة لا الوسادة سالكا


نهج الرسول فحزبه الابرار

حلو الشمائل لا يمل جليسه


شنأ الخيانة شأنه شكار

عجز اللعين بخيله وبرجله


عن أن تحل لعزمه أوتار

شمس المعارف مصلح لثمارها


حلي الزمان لجيده تقصار

علامة فهامة ورث العلا


عن طاهر من طاهر أنصار

يجلو الحنادس عن غوامض درسه


إن الغوامض دونها أستار

متواضع ومراقب لضميره


كي لا يطمس نوره تيار

كهف الغريب ورفده وعتاده


وعلى الأرامل سيبه مدرار

تلك الرزية لا رزية مثلها


فقدانه فيه الهدى ينهار

أسفا لرواد العلوم بروضة


غاض الغطمطم بحرها الزخار

سقيا بوابل رحمة لضريحه


وفساحة وتبدت الأنوار

لا تجزعن على بنيه أهلة


طور الأهلة إثره الإقمار

صلى الشهيد على الشفيع وآله


إذ بالصلاة تمحص الأوزار






  نقله  من خط الوالد  محمد فاضل بن محمد يحظيه بن الطاهر .
وطبعه: سعيد بن محمد فاضل بن محمد يحظيه بن الطاهر.  
altaher42@gmail.com
                                     aburaga7@gmail.com 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق