الأحد، 19 مايو 2024

ما هي الأمور التي يشهدها في قوله تعالى {اهدنا الصراط المستقيم}

 

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على نبيه الكريم

ما هي الأمور التي يشهدها في قوله تعالى {اهدنا الصراط المستقيم}

إنه يشهد عشر مراتب متى اجتمعت حصلت له الهداية .

المرتبة الأولى :هداية العلم والبيان ،فيجعله عالما بالحق مدركا له

الثانية : أن يقدره عليه ،وإلا فهو غير قادر بنفسه

الثالثة : أن يجعله مريدا له

الرابعة : أن يجعله فاعلا له

الخامسة : أن يثبته على ذلك ،ويستمر به عليه

السادسة : أن يصرف عنه الموانع والعوارض المضادة له

السابعة : أن يهديه في الطريق نفسها هداية خاصة ،أخص من الأولى ،فإن الأولى هداية إلى الطريق إجمالا ،وهذه هداية فيها وفي منازلها تفصيلا .

الثامنة : أن يشهده المقصود في الطريق وينبهه عليه ،فيكون مطالعا له في سيره ملتفتا إليه ،غير محتجب بالوسيلة عنه

التاسعة : أن يشهده فقره وضرورته إلى هذه الهداية فوق كل ضرورة

العاشرة : أن يشهده الطريقين المنحرفين عن طريقها ،وهما طريق أهل الغضب الذين عدلوا عن الحق قصدا وعنادا ،وطريق أهل الضلالة الذين عدلوا عنها جهلا وضلالا .

ثم يشهد جمع ((الصراط المستقيم )) في طريق واحد عليه جميع أنبياء الله ورسله وأتباعهم من الصديقين والشهداء والصالحين .

وكان صلى الله عليه وسلم يختتم كل عمل بالاستغفار ،كالصوم والصلاة ،والحج والجهاد ،وشرع أن يختتم المجلس بالاستغفار وإن كان مجلس خير وطاعة ،وشرع أن يختم العبد عمل يومه بالاستغفار فيقول عند النوم ((أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه )) وأن ينام على سيد الاستغفار ، فكيف والغفلة والتقصير والتفريط والتهاون ،وإيثار حظوظه في كثير من الأوقات على حقوق ربه ولا يكاد يتخلص منها ؟

فالتوحيد أول واجب وآخر واجب .

بل يرى أن توكله من عين الجود ،ومحض المنة ،وأنه توفيق من الله تعالى

وأهل التوحيد يتفاوتون في توحيدهم – علما ومعرفة وحالا – تفاوتا لا يحصيه إلا الله

                                كمال التوحيد شرط الإمامة

ولما قاموا بحقيقته – علما وعملا ودعوة وجهادا – جعلهم الله أئمة للخلائق ،يهدون بأمره ،ويدعون إليه .

فتجمع بين النفي والإثبات ،فالنفي هو الفناء ،والإثبات هو البقاء .

وحقيقته : أن تفنى بعبادة الله عن عبادة ما سواه ،وبمحبته عن محبة ما سواه ،وبخشيته عن خشية ما سواه ،وبطاعته عن طاعة ما سواه ،وكذلك بموالاته ،وسؤاله ،والاستغناء به ،والتوكل عليه ،ورجائه ،ودعائه ،والتفويض إليه ،والتحاكم إليه ،واللجإ إليه ،والرغبة فيما عنده .

قال تعالى ((قل أغير الله أتخذ وليا فاطر السماوات والأرض ))

قال تعالى (( والله يدعوا إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ))

فعم بدعوته البيان والدلالة ،وخص بهدايته التوفيق والإلهام

ومن محض التوحيد :أن تشهد العبودية وقيامك بها ،وتشهد أنها من عين المنة والفضل ،وتشهد فقرك وفاقتك .

فقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوما على حلقة من أصحابه وهم يتذاكرون فقال (( ما أجلسكم  قالوا جلسنا نذكر ما من الله به علينا وهدانا بك إلى الإسلام فقال ((آلله ما أجلسكم إلا ذلك ؟ قالوا آلله ما أجلسنا إلا ذلك

فقال ((أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم ولكن الله يباهي بكم الملائكة ))

فكان من أسباب مباهاة الله بهم الملائكة : شهودهم سبب التوحيد ،ووسيلة النجاة ،وأنهم من من الله عليهم كما قال تعالى ((لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ))

             طريق محبة النبي صلى الله عليه وسلم

قال الحليمي رحمه الله :وأصل هذا الباب أن يقف على مدائح رسول الله صلى الله عليه وسلم ،والمحاسن الثابتة له في نفسه ،ثم على حسن آثاره في دين الله عز وجل وما يجب له من الحق على أمته شرعا وعادة ،فمن أحاط بذلك ،وسلم عقله علم أنه أحق بالمحبة من الوالد الفاضل في نفسه البر الشفيق على ولده ،ومن المعلم الرضي في نفسه ،المقبل على التعلم المجتهد في التخريج .

ومدائح رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرة :

منها شرف أصله ،وطهارة مولده ،ومنها أسماؤه التي اختارها الله له وسماه بها ،ومنها إشادة الله بذكره قبل أن يخلقه حتى عرفه الأنبياء صلوات الله عليهم وأممهم قبل أن يعرف نفسه وتعرفه أمته .

ومنها حسن خلقه وخلقه وكرم إتحافه وأسمائه ،ومنها بيانه وفصاحته

وقوله ((أوتيت جوامع الكلم واختصر لي الحديث اختصارا ))

ومنها حدبه على أمته ،ورأفته بهم ،وما ساق الله تعالى به إليهم من الخيرات العظيمة في الدنيا ،وعرضهم له من شفاعته لهم في الآخرة .

ومنها زهده في الدنيا وصبره على شدائدها ومصائبها

 وأما المرتبة العظمى :وهي النبوة والرسالة فله فيها من المآثر الرفيعة :

-عموم رسالته الثقلين ،وشمولها بين الخافقين

وأنه خاتم النبيين ،وسيد المرسلين ،وأكرمهم في الدنيا أعلاما ،وأحمدهم في الآخرة مقاما ،وذلك أنه أول من تنشق عنه الأرض ،وأول شافع ومشفع ،وهو صاحب اللواء المحمود ،وصاحب الحوض المورود ،واقسم الله بحياته ،ولم يخاطبه باسمه في القرآن ،ولا كنيته ،بل دعاه باسم النبوة والرسالة واصطفاه بذلك على الجماعة .

وفي الحديث ((إني عند الله في أم الكتاب لخاتم النبيين .....

وإنما أراد والله أعلم أنه كذلك في قضاء الله وتقديره قبل أن يكون آدم عليه السلام .

وبشارة عيسى :أنه بشر به قومه فعرفه بني إسرائيل قبل أن يخلق

قال صلى الله عليه وسلم (( إنما أنا رحمة مهداة ))

وكان خلقه القرآن يرضى لرضاه ويسخط لسخطه .

وكان صلى الله عليه وسلم متواصل الأحزان ،طويل الفكرة ،ليس له راحة ،لا يتكلم في غير حاجة ،طويل السكوت ،يفتتح كلامه ويختمه بأشداقه ،يتكلم بجوامع الكلم ،فصل لا فضول ولا تقصير ،دمث ليس بالجافي ولا المهين ،يعظم النعمة وإن دقت ،لا يذم منها شيئا ،ولا يذم ذواقا ولا يمدحه .

وفي رواية :لم يكن ذواقا ولا مدحة ،ولا تغضبه الدنيا وما كان لها ..جل ضحكه التبسم

قال الحليمي رحمه الله :ويقال إن من جوامع الكلم قوله صلى الله عليه وسلم للذي سأله أن يعلمه ما يدعو به ((سل ربك اليقين والعافية ))

 

وصلى الله على نبيه الكريم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

العبر في غزوة أحد

    بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبيه الكريم العبر في غزوة أحد لقد وصف القرآن الكريم غزوة أحد وصفا دقيقا، وكان التصوير الق...