الجمعة، 30 مارس 2012

{من ثمرات الإيمان}

بسم الله الرحمن الرحيم 
{من ثمرات الإيمان}

إن الإيمان إذا رسخ في القلب كانت له ثمرات عظيمة وكثيرة لا يمكن الإحاطة بها ولكنني سأكتفي بنماذج من تلك الثمرات فمنها :
اليقين بوحدانية الله تعالى وأنه هو خالق هذا الكون ومدبره ومصرف أموره من حياة وموت وعز وذل وغنى وفقر قال تعالى ( هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو فأنى تؤفكون ) وقال (ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين )وقال (ءأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار )
ويترتب على تيقن ذلك وتذوقه الطمأنينة إلى قضائه تعالى وقدره وأن كل ذلك رحمة وحكمة ومصلحة قال تعالى (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلي الله فليتوكل المؤمنون )
وقال (قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين )
وقال (ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شيء عليم )

قال ابن كثير: ( أي من أصابته مصيبة فعلم أنها بقضاء الله وقدره فصبر واحتسب واستسلم لقضاء الله هدى الله قلبه وعوضه مما فاته من الدنيا هدى في قلبه ويقينا صادقاً وقد يخلف عليه ما كان أخذ منه أو خيراً منه) وذلك كما فعل بأيوب عليه السلام قال تعالى ((وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين )) الأنبياء آية 84
وقال ابن عباس: ( " ومن يؤمن بالله يهدي قلبه " يعني يهد قلبه لليقين فيعلم أنما ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه. )

وقال علقمة: ( هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم)
وقال سعيد ابن جبير ومقاتل بن حيان: ( " ومن يؤمن بالله يهد قلبه " يعني يسترجع ويقول [ إنا لله وإنا إليه راجعون ]، و قال صلى الله عليه وسلم " عجباً للمؤمن لا يقضي الله له قضاءً إلا كان خيراً له إن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له وإن أصابته سراء شكر فكان خيراً له وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن"(رواه مسلم )([1])
وما دام الأمر كذلك فلا، قلق ولا اكتئاب، ولا اعتراض ، ولا أمراض نفسية ، ذلك لأن القلب قد صلح واطمأن ورضي بالله ربا، وخالقا، ومدبرا ، وتيقن أنه لا تدبير ولا حكم لغيره تعالى ولا فتح ولا إغلاق إلا بإراته، قال تعالى ( ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل من بعده وهو العزيز الحكيم ) يقتطف من الظلال
فلا خوف من فقر كما يقذف الشيطان في القلوب قال تعالى (الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم}.، وقال تعالى { وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء إن الله عزيز حكيم }، وقد صلح القلب بالرضى بشريعة الله ودينه، قال تعالى { أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه }.

فلا تطلع لحل مشاكلنا الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسة في غير الإسلام لأن عقيدة المسلم أن القرآن يهدي للتي هي أقوم ، قال تعالى { إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم...الآية }، انظر الأضواء .
ولأنه يعتقد أن التحريم والتحليل من خصائص الله تعالى { ولا تقولوا لم تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون....الآية }، وقال تعالى { قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حلالاً وحراماً قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون }.

وهو حسن الظن بربه عكس المنافقين، قال تعالى { ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون }، وقال في وصف المنافقين { الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء }.
ولا خوف من الكفار وإن كثروا لأن ربه ينهاه عن الخوف منهم ويخبره أن الخوف منهم هو مما يقذفه إبليس في القلوب، قال تعالى { إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين }، ولا خوف من المستقبل الدنيوي لحسن ظنه بربه.
قال تعالى { قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى فليتوكل المؤمنون }وقال إبراهيم في وصفه لربه { إنه كان بي حفيا} ولا خوف من الأمراض لأنه يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه ، والله يقول { وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو...الآية} ، وقال تعالى { ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم من قبل أن نبرأها إن ذلك على يسير }،


قال الشاعر:-
سهرت عيون ونامت عيون..........لأمور تكون أو لا تكون
فادرئ الهم عن النــفس...........فحملانك الهموم جنون
إن رباً كفاك بالأمس ما كان.........سيكفيك في غدٍ ما يكون
ولأنه يعلم أن الأمراض كفارات قال صلي الله عليه وسلم " ومن يرد الله به خيراً يصب منه )رواه البخاري"
وقال عليه الصلاة والسلام،( ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولاهمٍّ ولا حزن حتى الشوكة يشاكها إلا كفر بها من خطاياه ".رواه مسلم
ولا حزن ولا ضعف لأن ربه ينهاه عن ذلك { ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم المؤمنين}.
إن أصحاب الإيمان يستقبلون المعضلات المدلهمات بالثبات وباليقين بالله والثقة به بل لا تزيدهم هذه النوازل إلا إيماناً وتسليما قال تعالي في وصف الصحابة الصادقين، { ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيماناً وتسليماً،)) وقال تعالى عنهم{ الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل }
، وقال تعالى { وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين}،
وصاحب الإيمان القوي يتحلى بالصبر والرضى والاحتساب لأنه يعلم أنه بالصبر على السراء والضراء والمصائب ينال الفوز والجنان ، قال تعالى { إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون }.
والملائكة تهنئ أهل بالجنة بالصبر في رحلة الدنيا ، قال تعالى { والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار }.

ولأنه يعلم أن الإعراض عن القرآن نتيجة الشقاء في الدنيا والآخرة ، قال تعالى { ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى قال ربي لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيراً * قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى }، وفي المقابل فباتباع القرآن تنال السعادة والهداية في الدنيا والآخرة ، قال تعال{ الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب * الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مئاب }.
قال القرطبي: ( لما فوضوا أمورهم إليه واعتمدوا بقلوبهم عليه أعطاهم من الجزاء أربعة معان: النعمة والفضل وصرف السوء واتباع الرضى فرضاهم عنه ورضي عنهم.(القرطبي 4/282 ).
قال تعالى { الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل* فانقلبوا بنعمة وفضل لم يمسسهم سوءٌ واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم }.
 
وقال ابن رجب رحمه الله تعالى
والرضى بربوبية الله تتضمن الرضى بعبادته وحده لاشريك له ،وبالرضى بتدبيره للعبد واختياره له ،ويدخل في أعمال الإسلام إخلاص الدين لله تعالى والنصح له ولعباده ،وسلامة القلب لهم من الغش والحسد والحقد وتوابع ذلك من أنواع الأذى
ويدخل في مسمى الإيمان :وجل القلوب من ذكر الله وخشوعها عند سماع ذكره وكتابه ،وزيادة الإيمان بذلك وتحقيق التوكل على الله عز وجل وخوف الله سرا وعلانية والرضى بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا ،واختيار تلف النفوس بأعظم أنواع الآلام على الكفر ،واستشعار قرب الله من العبد ودوام استحضاره ،وإيثار محبة الله ورسوله على محبة ما سواهما 

والحب في الله والبغض فيه والعطاء له والمنع له ،وأن يكون جميع الحركات والسكنات له ،وسماحة النفوس بالطاعة المالية والبدنية والاستبشار بعمل الحسنات والفرح بها ،والمساءة بعمل السيئات والحزن عليها ،وإيثار المؤمنين لرسول الله صلى الله عليه وسلم على أنفسهم وأموالهم وكثرة الحياء وحسن الخلق ومحبة ما يحبه لنفسه ولإخوانه المؤمنين ومواساة المؤمنين خصوصا الجيران ،ومعاضدة المؤمنين ومناصرتهم والحزن بما يحزنهم .
من جامع العلوم والحكم ص 28 




وصلى الله على نبيه الكريم


[1]) ) تفسير ابن كثير ص ( 1825)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق