الثلاثاء، 13 مارس 2012

فن الحوار و التواصل مع الآخرين

بسم الله الرحمن الرحيم


فن الحوار و التواصل مع الآخرين
حتى تكون لدينا قدرة أكبر على التواصل والحوار وحتى تكون حواراتنا أكثر فاعلية وفائدة أقدم هذه القراءة وهذا العرض لكتاب احترام الصراع وهو مترجم ، و صادر عن دار الأفاق في دمشق وهو في حدود 235 صفحة من القطع المتوسط .
تهدف هذه المراجعة إلى الاستفادة العملية من الكتاب وتعلم فن المفاوضات وإغناء الحوار وإدارته من أجل الوصول إلى تقريب وجهات النظر والتعرف على الآخر وصقل الأفكار بما يؤدي إلى التفاف حول المفهوم الجوهري لكثير من القضايا الخلافية الشائكة.
إنني أظن أن كثيرا من الاختلافات في وجهات النظر إنما يعود إلى قنا عات أو مفاهيم خاطئة أو ناقصة لبعض القيم الإنسانية. كما يعود إلى طريقة التفكير النمطي الذي يعطي الأفكار والأشخاص والمواقف أحكاما مسبقة تقيم على أساس من الثوابت النظرية والرؤية الشخصية.


احترام الصراع
لماذا ألفنا هذا الكتاب :
تدريب الناس حتى يتجنبوا المزا لق التي تودي بهم إلى صرا عات غير مثمرة وأن يتجنبوا الخضوع والإذعان لتحكم الآخرين بهم وأن يكتسبوا من القدرات ما يمكنهممن الحوار المثمر ومن بناء علاقة تعاون بناءة مع الآخرين آخذين مفهوم المصلحة خطاً جوهرياً .
الفكرة الأولى :
لا تأخذ أياً من التوجيهات دون نقد وتفكر، الفكرة الثانية : في مواقف الخلاف والصراع غالباً ما نخضع لانفعالاتنا وارتكاسانتا وننسى تحقيق مصلحتنا.
نتعارك مع الآخر ونحاول بشتى الطرق إقناعه بوجهة نظرنا، نحاول أن نثبت أننا على حق ونتمسك بأمل خادع مفاده أن النصر اللحظي في موقف الصراع سيضمن لنا النجاح الدائم والواقع ليس كذلك.
إن التفاوض إن وجه نحو التعاون هو خير طريق لتجنب الوقوع في معارك هدامة أو في خضوع أو تهاون
الفكرة الأولى : إن محاولات التوفيق بين المصالح والحاجات والأفكار المتضاربة يشكل منبعاً أساساً للأفكار المبدعة والحلول المبتكرة، فمواقف الخلاف تفجر مخزوناً هائلاً من الطاقةيمكن لفائدتها أن تكون عظيمة لو وجهت الاتجاه الصحيحالفكرة الثانية :
إن النقاش الجاد الشجاع للقضايا الصعبة المعلقة بين الأفراد والجماعات هو وحده كفيل ببناء الأمن الحقيقي وتشييد أواصر الثقة. فالخلاف ليس منبعاً لاشكال العراك والحرب بين الناس بل ينبع ذلك من أسلوبهم في حل الصراع. إن تجنب النقاش والحوار حول الخلافات الحادة والصغيرة يتسبب في تحول أسلوب التفكير عن الواقعية والمنطق نحو جوٍ مغلق من الخيالات والأوهام التي قد تكون أشد خطراً وضرراً من الوقائع الموضوعية والأفكار والمواقف التي يحملها الآخر

يحاول الناس السيطرة على الآخرين للأسباب التالية :
1- يريدون تحقيق مصالحهم فقط
2- 
يخافون من اللقاء الحقيقي والشخصي للآخرين، خاصة فيما يتعلق بالتعبير عن القضايا الصعبة والهامة3- يتقمصون الدور والموقع الذي يمثلونه بدلاً من تمثل حاجات ومصالح كل الأطراف.
4- 
يخضعون لجمود التفكير النمطي الجاهز في حل المواقف المشكلة.ولا يحاولون ولا يقدرون على إبداع أساليب جديدة وخلاقة.
5- 
يسعون لحماية وتأمين أشد جوانب شخصياتهم ضعفاً وحساسية.
6- 
يحاولون تجاوز الصراع أو حله بشكل سطحي دون تعمق في جذوره وحقيقتهوقد تكون بعض هذه الأسباب أو كلها موجودة فينا أو في الآخرين، لكننا لا نريد كشف القناع عن أنفسنا.


كيف يتم بناء التواصل والتفاهم : إن المعاركة والانتصار كثيراً ما يكون هدفاً بحد ذاته لدى البعض ، فإذا كان هدفك التفاهم والتعاون المستمر مع الآخرين فعليك أن تمتلك المهارات والقدرات التي تمكنك من إقامة التواصل الجيد والتقيد بقواعد التفاهم المثمر وعدم إظهار التفوق والقوة على الطرف الآخر. عندما يكون الانطباع الأول سيئاً يقرر طبيعة العلاقة من خلال القلق الذي يتحول إلى موقف دفاعي فيلتزم الآخر الحذر والسكوت أو يصبح المرء هجوميا ومتوتراً أو يتصنع إبراز الثقة الزائدةالفكرة الأولى : إذا كنت تشعر أن مصلحتك ي تشجيع محدثك على التعاون المثمر تجنب وإياك أخطاء التفكير النمطي. وكن على وعي بما أتيت به إلى اللقاء. وحدد لنفسك المزايا التي تتمتع بها ونقاط ضعفك في علاقاتك مع الآخرينالفكرة الثانية : أزل الحواجز وأعط الآخر فرصة ليتعرف عليك ولا تظهر صورة مصطنعة ولا تتأخر في طرح الأسئلة التي تتقرب بها إلى الآخرين. ومما يساعد هنا إتاحة الفرصة للتواصل الجيد وتجنب سوء التفاهم وتقديم معلومات مباشرة بما يسمح بالتحكم في موضوع النقاش وتوفير إمكانية توجيه الحديث إلى نقاط مختارةوليس خطئاً أن ترفض أنت أو الآخر الإجابة على الأسئلة المبائرة بدون أن يشكل ذلك عقبة في التواصل.
الاستجابة البناءة : هي التي تدفع المتحاورين للوصول إلى مزيد من نقاط التفاهم واستمرار اللقاء. وتتحقق هذه الاستجابة بالبعد عن الحوار التقييمي للآخر أو النقد الذي يمكن بسهولة ن يحرج محدثه، ولا بأس من الإشارة بطريقة ودية إلى بعض ما يزعجنا ولفت نظر الآخرين إلى الآثار السلبية الناجمة عن تصرفات أنانية أو استفزازية. وهنا تجدر الإشارة إلى بعض مزايا الآخر وتقديره وحتى إظهار الإعجاب بما لديه. لأن التعبير عن المشاعر الإيجابية يحقق تواصلاً متكاملاًلقد حان الوقت لنبادر الآخرين بمثل هذه العبارات :
إنه لمن دواعي سروري أنك تقدر جهودي في التحضير لهذا اللقاء.
إني أشعر بالامتنان لأنك لبيت دعوتي
إني أقدر هدوؤك وسعة صدرك.
لا يسعني إلا الإشادة بالفائدة التي قدمتها
اعتذر إن أخطأت أو أسأت إليك بدون قصد وبهذه الطريقة نوقظ المشاعر الإيجابية الحقيقية أثناء التواصل مع الآخرين، وفي المقابل يجدر التجاوز أو البعد عن عبارات مثل : إن عمرك لا يعطيك الخبرة والقدرة الكافية
إنك لا تفهم ولا ترتقي إلى مستوى هذه الأفكار ولا يمكن الاعتماد عليك
اقتراحك تافه وسخيف وأنت متحيز ومغرض
إنها امرأة غبية ومغرورةإن أكبر مشاكل التواصل هو اعتقادنا امتلاك الحقيقة دون الآخرين أو أننا الأقدر والأعلم لفهم كل ما يدور من حولنا. واستشفاف المستقبل. كل ها لا ينسيالتنبيه الواضح إلى بعض النقائص أو الأخطاء أو شرح الاختلاف في وجهات النظر والاحتجاج الهادئ والاعتراض البعيد عن الفظاظة ضروري ويساعد لوقف العدائية رغبة التسلط أو الخروج عن الموضوع لدى الطرف الآخر، ولا بأس من استخدام عبارات مثل :
إنني لا أوافقك الرأي وأختلف معك تماماً في نقطة محددة
يبدو أنه لم يتوضح ما أريد شرحه
ربما أسأت فهمي
لعلك لم تعطني الوقت الكافي لتوضيح فكرتي ويفضل عدم التعميم في التخطيء أو التصويب والبعد عن الأحكام الشاملة والتقييمية للأشخاص والأفكار ونبذ الشك وسوء النية بشكل دائم والابتعاد عن الانتقادالشخصي المباشر أو الإساءات السلوكية الجارحة لأننا بهذه الطريقة نخسر الآخر ونحبطه على نحو غير مرض. ولعله من الأهمية التأكيد على البعد عن الحديث والفوقي والوعظ وتعليم الآخرين ما ينبغي عليهم فهمه لما لذلك الأسلوب من أثر تنفيري يفقد صاحبه المصداقية ويسيء إلى أفكاره حتى لو كانت مفيدة أوصحيحيةأسس التفاهم المثمر والتواصل الجيد لا تقيم لا تعمم لا تفسر لا تقدم نصائح جاهزة عرف عن نفسك اعرف شريكك في الصراع قدم للآخر مبررات التواصل أيها المتحدث! أيها المستمعميز بين المسائل الجوهرية و الثانوية لا تعرقل محدثك تحدث إلى المستمع وليس عنه أعط المتحدث الوقت والانتباه عبر عن حاجاتك ومشاعرك ومخاوفك تحقق هل فهمت القصد جيداً


الإصغاء الفعال إن القدرة على الاستماع هي الأداة الرئيسة للوصول إلى وتواصل بين الناس وخاصة في مواقف الخلاف والصراع، وهي تلعب دوراً واضحاً في التخفيف من الميولالعدوانية في لحظات التوتر والانفعال. إن الإصغاء الفعال يحمينا من الوقوع أسرى أفكارنا المسبقة أو انفعالاتنا المحمومة، ولتحقيق ذلك علينا تعلم ثلث مهارات :
1- 
التلخيص : هو تكرار ما قاله محدثنا مستعملين في ذلك كلماتنا الخاصة وهو مفتاح الإصغاء الفعال ويبدأ بعبارات مثل : مما تقول فهم أنك ....... إذا كنت أفهمك جيداً فإنك تعتقد أنك ...... قلي هل فهمتك جيداً . بهذه الطريقة تركز انتباهك على ما يقول محدثك ويسهل عليك فهمه. ومن الأخطاء الشائعة في الحوار، المناورة ومحاولة إقناع الآخر بسرعة بصحة وجهة نظرنا وهذا يجعلنا نركز انتباهنا على أنفسنا وأفكارنا الخاصة. والتلخيص له دور كبير في توجيه انتباه المتحدث إلى النقاط التي تهم الطرفينإن الانتباه والتركيز وتلخيص النقاط والأفكار يمنع المحاور من الشرود ويجعله يركز على الموضوع المتفق عليه للنقاش.
2- 
عكس المشاعر : إن التواصل البصري والتركيز على لغة الجسد بمعنى التركيز على حركات أيدينا وجسدنا يعطي الآخر الثقة والأمان ويوحي له باهتمامنا بما يطرحه ويساعد بشكل كبير على رفع قدرته في إيصال ما يريد من الأفكار ويقرب وجهات النظر مغيباً مفهوم العدائية في الحوارإن تمثل عالم المحدَّث يفيد في قيادة موضوع الحديث حول النقاط الهامة التي نرغب بها وعندما يحس محدِّثنا بأننا قريبون من عالمه الخاص يكون من الأسهل علينا التأثر والتأثير الإيجابي في مجريات ونتائج الحوار.
3- 
توجيه الحديث : إن إطالة الحديث والإجابات المعقدة والمتشعبة تصرف الآخر عن الانتباه وتشتت تركيزه ويضيع الوقت، وهنا لا بد من التدخل وإعادة التركيز باستخدام مهارة التلخيص وطرح الأسئلة الاستفهامية وطلب العودة إلى موضوع المحادثة الأصليتشجيع المحدث : يكون بالبدء بالكلام عن خبراتنا أو خبرات الآخرين المفيدة في مجال النقاش، وبإبداء الجزء لمخفي الإنساني في شخصيتنا فيتشجع على أن يحدثك حديثا أعمق وأصرح عن خبراته المشابهة، ويساعد في ذلك تحديد نقاط الحوار بوضوح ودقة والبعد عن العمومية والتوجيه. إن توجيه الأسئلة ضروري من أجل السير نحو نتائج مرضية في الحوار.


أدوات الاستماع الفعال 1- التلخيص :
ويتطلب مهارات : الانتباه الفهم التركيز على الموضوع

2- 
التمثل :
ويتطلب مهارات التلاؤم مع المحدِّث من خلال : التحكم بالوضعية الجسدية قوة وإيقاع الحديث التناسب مع مزاج المحدث
3- 
توجيه الحديث : ويتضمن : ترتيب محتوى مبعثر الحديث تشجيع المتحدث على الكلام توجيه الأسئلة .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق