الثلاثاء، 13 مارس 2012

أهمية سير الصحابة والعلماء

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على نبيه الكريم
أهمية سير الصحابة والعلماء
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد أن لاإله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله
وبعد:
فإن سير الصحابة والعلماء والمصلحين والاعتبار بها أمر في غاية الأهمية
وذلك في الاقتداء بهم في صبرهم ومصابرتهم وجدهم واجتهادهم في سبيل نشر هذا الدين والتضحية في سبيله سواء أكان ذلك في طلبهم للعلم أو العمل به أو الجهاد في إبلاغه والصدع بكلمة الحق
وكم من عالم أثنى على الاهتمام بسيرهم فهذا أبو حنيفة رحمه الله يقول :سير الصالحين أحب إلي من كثير من الفقه لأن الله تعالي يقول (وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك )
ولنهم أفراد غير معصومين ومع ذلك قاموا بأعمال عظيمة وكدوا وكابدوا ونصوا الإسلام في أنفسهم ومجتمعاتهم ٍٍٍٍ حتى حييت بهم أمم واستفادت منهم حال حياتهم وبعد مماتهم
ثم إننا من هذه السير نستلهم الصبر والسلوان والثبات مهما كانت العوائق والعقبات
ونتعلم منها أن طريق الدعوة والاستقامة ليس مفروشا بالورود والشهوات ،وإنما هو مفروش بالأشواك والعقبات والابتلاآت كما قال تعالى ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا نصر الله قريب }
وقال تعالى { هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداً } وقال تعالى { أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين }
وقال تعالى { ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين }
وكما في الحديث الصحيح : " حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات "
ثم إن الكيد والتآمر على المصلحين قديم قدم الدعوات
قال تعالى { كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحرٌ أو مجنون }
وقال تعالى { وهمت كل برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب }
وقال تعالى { وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودنا في ملتنا }
ثم إننا مخلوقون للابتلاء والاختبار وللنظر كيف نعمل
قال تعالى { ليبلوكم أيكم أحسن عملاً }
وقال تعالى { ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون }
يقول سيد رحمه الله: " والسياق يظهر كأن خلق السموات والأرض في ستة أيام مع سيطرت الله سبحانه وتعالى على مقاليده كان من أجل ابتلاء الإنسان ليعظم هذا الابتلاء ويشعر الناس بأهميته وبجدية ابتلائهم ... ليبلوهم لا ليعلم فهو يعلم ولكن يبلوهم لظهر المكنون من أفعالهم فيتلقوا جزائهم عليها كما اقتضت إرادة الله وعدله ([1]) .
قال تعالى{ونبلوكم بالشر والخير فتنة ..الآية }
قال ابن كثير رحمه الله: " أي نختبركم بالمصائب تارة وبالنعم أخرى فننظر من يشكر ومن يكفر ومن يصبر ومن يقنط ، كما قال ابن عباس: " {ونبلوكم} يقول: نبتليكم بالشر والخير فتنة ، فتنة بالشدة والرخاء والصحة والسقم ، والغنى والفقر ، والحلال والحرام ، والطاعة والمعصية والهدى والضلال ([2]).
وقال تعالى{ ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلوا بعضكم ببعض }
يقول سيد قطب رحمه الله: "إن هؤلاء الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله وأمثالهم في الأرض كلها في كل زمان من البغاة الطغاة المفسدين الذين يظهرون في ثوب البطش والاستكبار ويتراءون لأنفسهم وللضالين من أتباعهم قادرين أقوياء إن هؤلاء جميعاً حفنة من خلق تعيش على ظهر هذه الهباءة الصغيرة المسماة بالأرض بين هذه الكواكب والنجوم والمجموعات الفلكية والمجرات والعوالم التي لا يعلم عددها ولا مداها إلا الله ، في هذا الفضاء الذي تبدوا فيه هذه المجرات والعوالم نقطاً متناثرة تكاد تكون ضائعة لا يمسكها ولا يجمعها ولا ينسقها إلا الله جلا جلاله ، فلا يبلغ هؤلاء ومن ورائهم من الأتباع بل لا يبلغوا أهل هذه الأرض كلها أن يكونوا نمالاً صغيرة لا بل إنهم لا يبلغون أن يكونوا هباء تتقاذفه النسمات لا بل إنهم لا يبلغون شيئاً أصلاً حين يقفون أمام قوة الله "
إنما يتخذ الله المؤمنين – حين يأمرهم بضرب رقاب الكفار وشد وثاقهم بعد إثخانهم – إنما يتخذهم سبحانه ستاراً لقدرته ، ولو شاء لانتصر من الكافرين جهرة ، كما انتصر من بعضهم بالطوفان ، والصيحة ، والريح العقيم ، بل لانتصر منهم من غير هذه الأسباب كلها ولكنه إنما يريد لعباده المؤمنين خيراً هو يبتليهم ويربيهم ويصلحهم وييسر لهم أسباب الحسنات الكبار يريد ليبتليهم وفي هذا الابتلاء يستجيش في نفوس المؤمنين أكرم ما في النفس البشرية من طاقات واتجاهات فليس أكرم في النفس من أن يعز عليها الحق الذي تؤمن به حتى تجاهد في سبيله فتَقتُلَ وتُقتَلَ ولا تسلم في هذا الحق الذي تعيش له وبه ولا تستطيع الحياة بدونه ولا تحب الحياة في غير ظله ويريد ليربيهم فيظل يخرج من نفوسهم كل هون وكل رغبة في أعراض هذه الأرض الفانية مما يعز عليهم أن يتخلوا عنه ويظل يقوى في نفوسهم كل ضعف ويكمل كل نقص وينفي كل زغلٍ ودخلٍ حتى تصبح رغائبهم كلها في كفة ،والكفة الأخرى تلبية دعوة الله للجهاد والتطلع إلى وجه الله ورضاه فترجح هذه وتشيل تلك ، ويعلم الله من هذه النفوس أنها خيرت فاختارت وأنها تربت فعرفت وأنها لا تندفع بلا وعيٍ ولكنها تقدر وتختار ويريد ليصلحهم ففي المعناة في الجهاد في سبيل الله والتعرض للموت في كل جولة ما يعود النفس لاستهانة بهذا الخطر المخوف الذي يكلف الناس الكثير من نفوسهم وأخلاقهم وموازينهم وقيمهم ليتقوه وهو هين هينٌ عند من يعتاد ملاقاته سواءاً سلم منه أو لاقاه والتوجه به لله في كل مرة يفعل في النفس في لحظات الخطر شيئاً يقربه للتصور فعل الكهرباء بالأجسام ، وكأنه صياغة جديدة للقلوب والأرواح على صفاء ونقاء وصلاح ، ثم هي الأسباب الظاهرة لإصلاح الجماعة البشرية كلها عن طريق قيادتها بأيدي المجاهدين الذين فرغت نفوسهم من كل أعراض الدنيا وكل زخارفها وهانت عليهم الحياة وهم يخوضون غمار الموت في سبيل الله ، ولم يعد في قلوبهم ما يشغلهم عن الله والتطلع إلى رضاه ، وحين القيادة في مثل هذه الأيدي تصلح الأرض كلها ، ويصلح العباد ويصبح عزيزاً على هذه الأيدي أن تسلِّم راية القيادة في الكفر والظلال والفساد وهي قد اشترتها بالدماء والأرواح وكل عزيز وغالٍ أرخصته لتتسلم هذه الراية لا لنفسها ولكن لله .
ثم هو بعد ذلك تيسير الوسيلة لمن يريد الله بهم الحسنى لينالوا رضاه وجزاءه بغير حساب.([3])
وصلى على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

هناك تعليق واحد:


  1. مشكور علي مجهودك القيم
    http://www.alsadiqa.com




    http://www.assayyarat.com/
    thank you



    جزاك الله خير
    http://www.mawahib.net

    ردحذف