الجمعة، 30 مارس 2012

" آثار الحج في النفس والحياة "

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على نبيه الكريم
" آثار الحج في النفس والحياة "
إن الأصل في العبادات أنها امتثال لأمر الله تعالى ووفاء بحقه وهذا لا يعارض أن للعبادات آثارا طيبة، ومنافع جمة في حياة الفرد والجماعة.
فالصلاة صلة بين العبد وربه، وهي في نفس الوقت تنهى عن الفحشاء والمنكر قال تعالى
{إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} وقال تعالى{واستعينوا بالصبر والصلاة}
وقد أمرت الشر يعة بالاستعانة بها في كل مشاكل الحياة قال تعالى (واستعينوا بالصبر والصلاة).
والزكاة تطهير للنفس من الشح والبخل وهي في نفس الوقت تكافل اجتماعي
قال تعالى (( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ((
والزكاة إذا أخرجها الأغنياء فلن يبقى هناك فقير لأن الله جعل في مال الأغنياء ما يكفي الفقراء .
وفيها تطهير للفقير من الحسد والبغض للغنى .
 
والصوم مع أنه تقوية للروح والصبر فإنه تذكير عملي بجوع الجائعين ليتعاطف معهم الصائم ويواسيهم من مال الله الذي أعطاه .
والحج مع أنه من أكثر العبادات اشتمالاً على الأمور التعبدية ، التي لا نعرف حكمتها معرفة تفصيلية فإن الله تعالى أوضح أن له أثرا في حياة المسلمين أفراداً وشعوبا قال تعالى (وأذّن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم )

 إن هذا التعليل القرآني لهذه الرحلة المباركة التي يقطعها الناس ركباناً ومشاة قادمين من كل فج عميق يفتح لنا باباً رحباً للتأمل في هذه المنافع المشهودة التي قدمها القرآن في الآية على ذكر اسم الله تعالى.
فالحج شحنة روحية وعاطفية
- والحج شحنة روحية كبيرة يتزود بها المسلم فتملأ جوانحه خشية وتقى لله وعزماً على طاعته وندماً على معصيته ، وتغذى فيه عاطفة الحب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وللصحابة رضي الله عنهم.
وتوقظ فيه مشاعر الأخوة لأبناء دينه في كل مكان وتوقد في صدره شعلة الحماسة لدينه والغيرة على حرماته .

- إن الأرض المقدسة ومالها من ذكريات وشعائر الحج ومالها من أثر في النفس ، وقوة الجماعة ومالها من إيحاء في الفكر والسلوك ، كل هذا يترك أثره واضحاً في أعماق المسلم فيعود من رحلته أصفى قلبا وأقوى عزيمة على الخير ، وأصلب عوداً أمام مغريات الشر ، وكلما كان حجه مبروراً خالصاً لله كان أثره في حياته في المستقبل يقيناً لا ريب فيه 

- إن هذه الشحنة الروحية العاطفية تهز كيانه المعنوي هزاً بل تنشئه خلقاً آخر وتعيده كأنما هو مولود جديد يستقبل الحياة وكله طهر ونقاء ومن هنا قال الرسول صلى الله عليه وسلم " من حج لله ولم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه" .
- والحج تربية للمسلم على احتمال الشدائد والصبر على المكاره ومواجهة الحياة كما فطرها الله بأزهارها وأشواكها بحرها وقرها فهو يلتقي مع الصوم في إعداد المسلم للجهاد .


والحج تنقل وارتحال واعتماد على النفس وبعد عن الترف والتكلف والتعقيد الذي لا يناسب حياة الخيام في منى وعرفات وقد تجلت هذه الحكمة حين جعل الله الحج دائرا مع السنة القمرية .


فأشهر الحج المعلومات تبدأ بشهر شوال وتنتهي بذي الحجة وهي أشهر – كما تعلم – تأتي أحيانا في شدة الحر وأحياناً في زمهرير الشتاء ليكون المسلم على استعداد لتحمل كل الأجواء والاصطبار على كل ألوان الصعوبات .
والحج تدريب عملي على المساواة فالجميع يلبس لباساً واحداً قد طرحوا الملابس المزخرفة التي تختلف باختلاف الأقطار واختلاف الطبقات واختلاف الأذواق ولبسوا لباساً يشبه الكفن ، والجميع يطوف بالبيت وهكذا بقية المشاعر.
وتراهم في عرفات كأنه العرض الأكبر يوم يخرجون من القبور .
 
ففي الحج نرى معنى الوحدة جلياً كالشمس، وحدة في المشاعر والشعائر ،
فهم بإله واحد يؤمنون ، ولرسول واحد يتبعون ،ولأعمال واحدة يؤدون ،
فأي وحدة أعمق من هذا وأقوى أثراً .

والحج تمرد على أوامر الشيطان ونبذها في سلة المهملات ،وتربية على معصيته واتخاذه عدواً ، وذلك ينجلي في رمي الجمار .




وبالله التوفيق
وصلى الله على نبيه الكريم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق