الجمعة، 30 مارس 2012

الحج المبرور

بسم الله الرحمن الرحيم
الحج المبرور
قال الحسن : الحج المبرور هو أن يرجع الحاج زاهداً في الدنيا راغباً في الآخرة ومن الأمور التي ينبغي للحاج مراعاتها :- 1- الإخلاص في حجه لأن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً لوجهه الكريم قال تعالى (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحدا )
2- أن تكون نفقته حلالاً.
3- ترك الرفث و الفسوق والجدال كما نطق به القرآن " والرفث " اسم جامع لكل لغو وفحش من الكلام ، ويدخل فيه مغازلة النساء ومداعبتهن والتحدث بشأن الجماع ومقدماته .
"والفسق" اسم جامع لكل خروج عن طاعة الله عز وجل.
" والجدال " هو المبالغة في الخصومة والمماراة بما يورث الضغائن ويناقض حسن الخلق فلا ينبغي أن يكون كثير الاعتراض على رفقته في السفر إلى بيت الله الحرام بل يلين جانبه ويخفض جناحه لكل الحجاج ويلزم حسن الخلق ، وليس حسن الخلق كف الأذى فقط بل احتمال الأذى.
4- أن يجتنب أخلاق المتكبرين فلا يميل إلى أسباب التفاخر والتكاثر فيكتب في ديوان المتكبرين ويخرج عن حزب الله الصالحين وفي حديث " إنما الحاج الشعث التفث "
و يقول الله تعالى( ثم ليقضوا تفثهم ) ، وقضاؤه بالحلق وقص الشارب والأظافر .
5- أن يكون طيب النفس بما أنفقه في الحج والعمرة قال تعالى { وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه} وفي الحديث "تابعوا بين الحج والعمرة فإن متابعة بينهما تنفي الذنوب والفقر كما ينفي الكير خبث الحديد ".([1])
ويقال من علامة قبول الحج ترك ما كان عليه من المعاصي وأن يتبدّل بإخوانه البطالين إخواناً صالحين وبمجالس اللهو والغفلة مجالس الذكر .
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على نبيه الكريم
طريق الاعتبار في الحج
إن في كل واحد من أعمال المناسك تذكرة للمتذكر ،وعبرة للمعتبر إذا انفتح بابها
انكشف لكل خارج من أسرارها ما يقتضيه صفاء قلبه وغزارة فهمه ،وقد شرف الله
البيت العتيق بالإضافة إلى نفسه ونصبه مقصدا لعباده ،وجعل ما حواليه حرما لبيته
تفخيما لأمرهٍ .
فمن ذلك أن يتذكر بتحصيل الزاد زاد الآخرة من الأعمال ، وليحذر أن تكون أعماله فاسدة من الرياء والسمعة فلا تصحبه ولا تنفعه كالطعام الرطب الذي يفسد في أول منازل السفر فيبقى صاحبه وقت الحاجة متحيرا .
ٍفإذا فارق وطنه ودخل البادية وشهد تلك العقبات فليتذكر بذلك خروجه من الدنيا بالموت إلى ميقات القيامة وما بينهما من الأهوال .
ومن ذلك أن يتذكر وقت إحرامه وتجرده من ثيابه لبس كفنه ،وأنه سيلقى ربه على زي مخالف لزي أهل الدنيا .
وإذا لبي فليستحضر بتلبيته إجابة الله تعالى إذ قال ((وأذن بالناس بالحج )) وليرج القبول وليخش عدم الإجابة .
وكذلك إذا وصل إلى الحرم ينبغي أن يرجو الأمن من العقوبة ،وأن يخشى أن لايكون من أهل القرب ،غير أنه ينبغي أن يكون الرجاء غالبا ،لأن الكرم عميم ،وحق الزائر مرعي وذمام المستجير لايضيع .
ومن ذلك إذا رأى البيت الحرام استحضر عظمته في قلبه وشكر الله تعالى على تبليغه رتبة الوافدين إليه ،وليستشعر عظمة الطواف به وتشبهه بالملائكة المقربين الحافين حول العرش الطائفين حوله ،وأنه ليس القصد طواف الجسم فقط ،بل طواف القلب بذكر الرب
ويعتقد عند استلام الحجر أنه مبايع لله تعالى على طاعته ،ويضم إلى ذلك عزيمته على الوفاء بالبيعة .
وليتذكر بالتعلق بأستار الكعبة والالتصاق بالملتزم لجأ المذنب إلى سيده وقرب المحب
وأنشد بعضهم في ذلك :
ستور بيتك نيل الأمن منك وقد _ علقتها مستجيرا أيها الباري
وما أظنك لما أن علقت بها _ خوفا من النار تدنيني من النار
وها أنا جار بيتك أنت قلت لنا _ حجوا إليه وقد أوصيت بالجار
ومن ذلك إذا سعى بين الصفا والمروة ينبغي أن يمثلها بكفتي الميزان ،وتردده بينهما في عرصات القيامة ،أو تردد العبد إلى دار الملك إظهارا لخلوص خدمته ،ورجاء الملاحظة بعين رحمته ،وطمعا في قضاء حاجته .
وأما الوقوف بعرفة فاذكر بما ترى فيه من ازدحام الخلق ، واتفاع أصواتهم ، واختلاف لغاتهم موقف القيامة ،واجتماع الأمم وتحيرهم في ذلك الصعيد الواحد بين القبول والرد ،
وفي تذكر ذلك إلزام القلب الضراعة والابتهال إلى الله تعالى ،ورجاء الحشر في زمرة الفائزين المرحومين وتحقيق الرجاء بالإجابة
فإذا رميت الجمار فاقصد بذلك الانقياد للأمر وإظهار الرق والعبودية ،ومجرد الامتثال من غير حظ النفس ،والتمرد على أوامر الشيطان وقصم ظهره .
قال ابن عباس رضي الله عنه :لما أمر إبراهيم بذبح ابنه عرض له الشيطان عند جمرة العقبة فرماه بسبع حصيات حتى ذهب ،ثم عرض له عند الجمرة الوسطى فرماه بسبع حصيات حتى ذهب ،ثم عرض له عند الجمرة الأخرى فرماه بسبع حصيات حتى ذهب ،ثم مضى إبراهيم لأمر ربه .القرطبي :15/106
وأما المدينة المنورة فإذا لاحت لك فتذكر أنها البلدة التي اختارها الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ،وشرع إليها هجرته ،وجعل فيها بيته ،ثم مثل في نفسك أقدام رسول الله صلى الله عليه وسلم عند تردده فيها ،وتصور خشوعه وسكينته .
فإذا قصدت زيارة القبر الشريف فأحضر قلبك لتوقيره وهيبته ،ومثل صورته الكريمة في خيالك ،واستحضر عظيم مرتبته في قلبك ثم سلم عليه ،واعلم أنه عالم بحضورك وتسليمك
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام ) رواه أبو داود وأحمد.
ٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍ


[1])) رواه الترمذي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق