الجمعة، 30 مارس 2012

الإخلاص

بسم الله الرحمن الرحيم
الإخلاص
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ،من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ،وأشهد ألا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
وبعد فإن موضوعنا يتكلم عن الإخلاص وسأتكلم عليه حسب النقاط التالية :
1- تعريفه
2- حقيقته
3- فضله
4- علاماته
5- ضرورته
6- ثمراته
7- خاتمته

أولا تعريف الإخلاص

الإخلاص لغة من خلص خلوصا صار خالصا ...وأخلص لله ترك الرياء . وقال في مختار الصحاح :خلص الشيء صار خالصا وبابه دخل . والإخلاص أيضا في الطاعة ترك الرياء وقد أخلص لله الدين .
واصطلاحا : إرادة وجه الله تعالى بالعمل ، وتصفيته من كل شوب ذاتي أودنيوي .
قال الإمام الغزالي رحمه الله : اعلم أن كل شيء يتصور أن يشوبه غيره فإذا صفا عن شوبه وخلص عنه سمي خالصا ، ويسمى الفعل المصفى المخلص إخلاصا قال تعالى ( من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين )
فالإخلاص يضاد الإشراك فمن ليس مخلصا فهو مشرك .




ثانيا حقيقة الإخلاص :
اختلفت عبارات أهل التربية في تحديد ما هية الإخلاص فكل منهم نظر إلى جانب ، أولفت إلى معنى من معانيه .
فقال بعضهم الإخلاص إفراد الحق سبحانه في الطاعة بالقصد ، وهو أن يريد بطاعته التقرب إلى الله سبحانه دون أي شيء آخر من تصنع لمخلوق ، أو اكتساب محمدة من الناس ، أو محبة مدح من الخلق ،أو معنى من المعاني سوى التقرب سوى التقرب إلى الله تعالى .
ويقال :الإخلاص تصفية الفعل من ملاحظة المخلوقين ،وأن تستوي أفعال العبد في الظاهر والباطن .
وقال ذوالنون المصري :ثلاث من علامات الإخلاص : استواء المدح والذم من العامة ،ونسيان رؤية الأعمال في الأعمال ،ونسيان اقتضاء ثواب العمل في الآخرة .
وتتكون حقيقة الإخلاص من هذه العناصر :
1- أن يهتم المخلص بنظر الخالق لابنظر المخلوقين ، قال الفضيل بن عياض :العمل من أجل الناس شرك ،وترك العمل من أجل الناس رياء ،والإخلاص أن يعافيك الله منهما
2- أن يستوي ظاهر المخلص وباطنه ، فلا يكون ظاهره عسلا وباطنه علقما
3- أن يستوي عنده مدح الناس وذمهم
4- أن لاينظر إلى إخلاصه فيعجب بنفسه فيهلكه عجبه
5- الخوف من تسرب الرياء والهوى إلى النفس وهو لايشعر ، قال سهل :لايعرف الرياء إلا مخلص .





ثالثا فضل النية والإخلاص
لقد أمر الله تبارك وتعالى في كتابه بالإخلاص وحث عليه في أكثر من سورة وخصوصا في القرآن المكي ،لأنه يتعلق بتجريد التوحيد وتصحيح العقيدة واستقامة الوجهة قال تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين ألا لله الدين الخالص ) وقال ( قل الله أعبد مخلصا له ديني فاعبدوا ما شئتم من دونه )
وقال (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لاشريك له ) وقال (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء )
إن القرآن يذكر الإخلاص بصيغ مختلفة مثل إرادة الآخرة ،وإرادة وجه الله تعالى قال تعالى (وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى ) نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه ز
وكم أشاد القرآن الكريم بالمخلصين الذين لم يريدوا بأعمالهم إلا وجه الله تعالى وابتغاء مرضاته لا يركضون وراء رضى الناس وثنائهم قال تعالى عنهم (إنما نطعمكم لوجه الله لانريد منكم جزاء ولا شكورا ) وقال ( ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله وتثبيتا من أنفسهم كمثل جنة بربوة أصابها وابل فئاتت أكلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطل والله بما تعملون بصير ) وقال ( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجه ) وقال ( والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم ) وقال ( لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم )
وقد بينت السنة أهمية النية والإخلاص في كل الأعمال وأن المعتبر منها شرعا هو ما كان خالصا لوجه الله تعالى ، وأن غير الخالص لايعبأ به وإنما هو تعب وحسرة على صاحبه يوم القيامة .
ومن ذلك حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما في الصحيحين أن النبي صلي الله عليه وسلم قال ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امريء ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ،ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أوامرأة ينكحها فهجرته إلى ماهاجر إليه )
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال كنا مع النبي صلي الله عليه وسلم في غزاة فقال ( إن بالمدينة لرجالا ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم حبسهم المرض ) وفي رواية (إلا شركوكم في الأجر ) رواه مسلم
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة ،ويقاتل حمية
ويقاتل رياء أي ذلك في سبيل الله ؟ فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم ( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ) متفق عليه
وعن أبي كبشة الأنماري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (مثل هذه الأمة كمثل أربعة نفر ،رجل آتاه الله مالا وعلما فهو يعمل بعلمه في ماله فينفقه في حقه ،ورجل آتاه الله علما و لم يؤته مالا فهو يقول لو كان لي مثل هذا عملت فيه مثل الذي يعمل .قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهما في الأجر سواء ،ورجل آتاه الله مالا ولم يؤته علما فهو يخبط في ماله ينفقه في غير حقه ،ورجل لم يؤته الله علما ولا مالا فهو يقول لو كان لي مثل هذا عملت فيه مثل الذي يعمل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهما في الوزر سواء ) رواه الترمذي وصححه وأحمد وابن ماجه .
قال الخطابي كان المتقدمون من مشائخنا يستحبون تقديم حديث الأعمال بالنية أمام كل شيء ينشأ ويبتدأ من أمور الدين لعموم الحاجة إليه في جميع أنواعها ،وبلغنا عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال :إنما يحفظ الرجل على قدر نيته .
وقال الحارث المحاسبي :الصادق هو الذي لايبالي لو خرج كل قدر له في قلوب الخلق من أجل إصلاح قلبه .
تكثير النيات في العمل الواحد
فمن النيات التي يمكن لداخل المسجد أن ينويها ليضاعف له العمل بكل نية :
1- أن يعتقد أنه بيت الله وأن داخله زائر الله
2- أن ينتظر الصلاة بعد الصلاة فيكون في صلاة
3- الترهب بكف السمع والبصر والأعضاء عن الحركات والترددات
4- عكوف الهم على الله ولزوم السر للفكر في الآخرة ودفع الشواغل الصارفة عنه بالاعتزال إلى المسجد
5- التجرد لذكر الله أولاستماع ذكره وللتذكر به
6- أن يقصد إفادة العلم بأمر بمعروف ونهي عن منكر إذ المسجد لا يخلو عمن يسيء في صلاته ،أو يتعاطى مالا يحل له فيأمره بالمعروف ويرشده إلى الدين فيكون شريكا معه في خيره الذي يعلم منه فتتضاعف خيراته .
7- أن يستفيد أخا في الله فإن ذلك غنيمة وذخيرة للدار الآخرة ,والمسجد معشش أهل الدين المحبين لله وفي الله
8- أن يترك الذنوب حياء من الله تعالى ،وحياء من أن يتعاطى في بيت الله ما يقتضي هتك الحرمة .
فهذا طريق تكثير النيات ،وقس به سائر الطاعات .إذ ما من طاعة إلا وتحتمل نيات كثيرة ،وإنما تحضر في قلب العبد المؤمن بقدر جده في طلب الخير وتشمره له فبهذا تزكو الأعمال وتتضاعف الحسنات .
وورد في الأثر :نية المؤمن خير من عمله . وذلك لأن النية لايدخلها الرياء لأنه لا يطلع عليها إلا الله ،ولأنه يمكن أن ينوي أمورا كثيرة في عمل واحد .






رابعا علامات الإخلاص :
إن للإخلاص علامات كثيرة تظهر في حياة المخلص، وسلوكه ونظرته إلى نفسه وإلى الناس ، ومن تلك العلامات :
1- الخوف من الشهرة
وذلك بأن يخاف من الشهرة وانتشار الصيت على نفسه ودينه ،وخصوصا إذا كان من أصحاب المواهب ، وأن يوقن أن القبول عند الله بالسرائر لا بالمظاهر ،فقد كان السلف يخافون على قلوبهم ويعلمون أنها محل نظر الله تعالى لقول النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله لاينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ) رواه مسلم
قال القرطبي : وهذا حديث عظيم يترتب عليه ألا يقطع بعيب أحد لما يرى عليه من صورأعمال الطاعة أو المخالفة ،فلعل من يحافظ على الأعمال الظاهرة يعلم الله من قلبه وصفا مذموما لا تصح معه تلك الأعمال ،ولعل من رأينا عليه تفريطا أو معصية يعلم الله من قلبه وصفا محمودا يغفر الله بسببه .فالأعمال أمارات ظنية لا أدلة قطعية .
ويترتب عليها عدم الغلو في تعظيم من رأينا عليه أفعالا صالحة ،وعدم الاحتقار لمسلم رأينا عليه أفعالا سيئة ،بل تحتقر وتذم تلك الحالة السيئة ،لاتلك الذات السيئة .فتدبر هذا فإنه
نظر دقيق . تفسير القرطبي 16 /326 -327
وقال إبراهيم بن أدهم :ما صدق الله من أحب الشهرة .
قال بشر الحافي :ما أعرف رجلا أحب أن يعرف إلا ذهب دينه وافتضح .
وقال أيوب السختياني :ماصدق الله عبد إلا سره ألا يشعر بمكانه .
وهذه الآثار ينبغي أن لايفهم منها الدعوة إلى العزلة والانطواء لأن الذين رويت عنهم كانوا أئمة مصلحين ودعاة مخلصين ،لكن الذي يفهم من مجموعها هو اليقظة لشهوات النفس الخفية ،والحذر من المنافذ التي يتسلل منها الشيطان إلى قلب الإنسان إذا سلطت عليه الأضواء ،وأحاطت به الأتباع والأشياع وأشير إليه بالبنان .
والشهرة ليست مذمومة في ذاتها فليس هناك أشهر من الأنبياء ،والخلفاء والأئمة ،ولكن المذموم هو طلب الشهرة والزعامة والجاه ،والحرص عليها ،أما وجودها من غير تكلف ولا حرص فلا شيء فيه .
ففي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قيل له :أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير ويحمده الناس عليه ؟ فقال (تلك عاجل بشرى المؤمن ) رواه مسلم
2-اتهام النفس
إن المخلص دائما يتهم نفسه بالتفريط في جنب الله ،والتقصير في أداء الواجبات ،فلا يغتر بالعمل ولا يعجب بنفسه .
وقد بكى بعض الصالحين في مرضه بكاء شديدا فقال بعض عواده كيف تبكي ؟ وأنت قد صمت وقمت وجاهدت وتصدقت وحججت واعتمرت وعلمت وذكرت . فقال وما يدريني أن شيئا منها في ميزاني وأنها مقبولة عند ربي والله تعالى يقول (إنما يتقبل الله من المتقين )



وقد ترجم البخاري في كتاب الإيمان فقال :باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لايشعر .
ولذلك كان السلف يخافون من النفاق ويتهمون أنفسهم .
ولما سألت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى (والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون ...) أهم الذين يسرقون ويزنون ويشربون الخمر وهم يخافون الله عز وجل ؟
فقال لا ياابنت الصديق ولكنهم الذين يصلون ويصومون ويتصدقون وهم يخافون ألا يتقبل منهم (أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون ) رواه الترمذي وأحمد .
فالمخلص يخاف دائما من تسلل الرياء إلى نفسه وهو لايشعر ،ولهذا سمي( الشهوة الخفية ) التي تتسلل إلى نفس السالك دون أن يتنبه لها .
3- أن يؤثر العمل الصامت البعيد عن الأضواء
وذلك بأن يكون العمل الصامت أحب إليه من العمل الذي يحفه ضجيج الإعلان وطنين الشهرة ليظل دائما الجندي المجهول الذي يبذل ولا يعرف ،ويضحي ولا يذكر وفي الحديث (إن الله يحب الأبرار الأتقياء الأخفياء الذين إذا غابوا لم يفتقدوا وإذا حضروا لم يعرفوا ، قلوبهم مصابيح الهدى يخرجون من كل غبراء مظلمة .
4- ألا يطلب المدح ولا يغتر به
ومن دلائل الإخلاص ألا يطلب مدح المادحين ولا يحرص عليه ، قال ابن عطاء الله :الناس يمدحونك لما يظونون فيك ،لكن لتكن ذاما لنفسك لما تعلمه منها ،وأجهل الناس من ترك يقين ما عنده لظن ما عند الناس .
يروى عن أبي بكر رضي الله عنه أنه كان إذا مدح يقول :اللهم لا تؤاخذني بما يقولون واجعلني خيرا مما يظنون واغفرلي ما لا يعلمون .
5- ألا يبخل بمدح من يستحق المدح
فمن علامات الإخلاص ألا يبخل بمدح من يستحق المدح والإشادة بكل من هو أهل للإشادة .
فهناك آفتان خطيرتان :أ- توجيه المدح والثناء لمن لا يستحقه .ب – الضن بالمدح عمن يستحقه .
وقد مدح رسول الله أبا بكر وعمر وعثمان وعليا وكثيرا من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين .
6- استواء العمل في القيادة والجندية :
ومن علامات الإخلاص كذلك استواء العمل عنده سواء كان قائدا أو مقودا ما دام في ذلك رضي الله عز وجل ، فلا يحرص على الرياسة ولا يطلبها لنفسه فإذا حملها حملها واستعان بالله على القيام بها .
وقد قال صلى الله عليه وسلم (طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله أشعث رأسه مغبرة قدماه إن كان في الساقة كان في الساقة وإن كان في الحراسة كان في الحراسة ...) رواه البخاري
ومن الأمثلة المضيئة في ذلك موقف خالد بن الوليد رضي الله عنه لما عزل من قيادة الجيش لم يتأثر ولم يتمرد وهو القائد المظفر ،بل سمع وأطاع وقاتل كما كان يقاتل .
7- الاهتمام برضى الله لابرضى الناس :
وذلك بأن لايبالي برضى الناس إذا كان فيه سخط الله ،قال الشافعي رحمه الله رضى الناس غاية لا تدرك
وقال محمد مولود في المطهرة :
ومبتغي رضاهم لاينتظر رضى المصور العزيز المقتدر
8- جعل الرضى والسخط لله لاللنفس
وذلك بأن يكون حبه وبغضه وعطاؤه ومنعه ورضاه وغضبه لله ولدينه لا لنفسه ومنافعه .
9- الصبر على طول الطريق
بأن لايحمله طول الطريق واستبطاء الثمرة ،وتأخر النجاح على الكسل والتراخي ،فقد لبث نوح في قومه مآت السنين فلم يترك الدعوة رغم طول المدة ،وصدود الناس (قال ربي إني دعوت قومي ليلا ونهارا فلم يزدهم دعايئ إلا فرارا وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا )
وقال تعالى (فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما )
10- الفرح بكل كفاية تبرز :
فتجد المخلص إذا وجد من هو خير منه في تحمل مسئوليته تنحى له راضيا ،وقدمه على نفسه طائعا وحمد الله على أن وجد من الأمة من يقوم بالمسئولية أحسن قيام .
11- السلامة من آفة العجب :
لأن الله تعلى وصف لنا من يتقبل منهم فقال تعالى ( إنما يتقبل الله من المتقين ) ويقول منفرا من العجب ( ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين )
وفي الحديث ( ثلاث مهلكات شح مطاع وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه )
خامسا ضرورة الإخلاص لحملة الدعوة
إن العمل لسيادة الإسلام وعودته لقيادة الحياة بعقيدته وأخلاقه ،وشريعته ، وحضارته عبادة وقربة لله عز وجل ،وتجريد النية لله في هذه العبادة أمر أساسي لقبول العمل ،ونجاحه ،فالنية المدخولة تفسد العمل .
وقد كتب سالم بن عبد الله إلى عمر بن عبد العزيز ناصحا له :اعلم أن عون الله للعبد على قدر النية ،فمن تمت نيته تم عون الله له ،ومن نقصت نيته نقص قدره .
فالمخلصون هم جند الدعوات ،وحملة الرسالات ،وورثة النبوات ،وهم الذين ينتصرون بالدعوة ،وتنتصر بهم ،ولو كانوا فقراء المال ضعفاء الجاه قال صلى الله عليه وسلم (رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره ) رواه مسلم
وقال صلى الله عليه وسلم (وهل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم ) رواه البخاري مرسلا ،ورواه أبو بكر البرقاني في صحيحه متصلا .
وعن أبي الدرداء قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (ابغوني الضعفاء فإنما تنصرون وترزقون بضعفائكم )
رواه أبو داود بإسناد جيد .







سادسا من ثمرات الإخلاص :
إن للإخلاص ثمرات طيبة في النفس والحياة نجملها فيما يلي :
1- السكينة النفسية
قال الله تعالى (ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا الحمد لله بل أكثرهم لايعلمون ) وقال تعالى (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة )
وقال صلى الله عليه وسلم (من كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره ،وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له ، ومن كانت الآخرة نيته جمع الله له أمره وجعل غناه في قلبه ،وأتته الدنيا وهي راغمة )
2- القوة الروحية
ويدل لها قول النبي صلى الله عليه وسلم (والله لوضعوا وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أموت دونه )
3- الاستمرار في العمل
وذلك لأن ما كان لله دام واتصل ،وما كان لغيره انقطع وانفصل .
4- تحويل المباحات والعادات إلى عبادات :
قال تعالى (ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لايضيع أجر المحسنين ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون واديا إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون )
5 -إحراز ثواب العمل وإن لم يتمه أو لم يعمله :
قال تعالى (ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفورا رحيما)
وقال صلى الله عليه وسلم ( من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه ) رواه مسلم
وقال (إن أقواما خلفنا بالمدينة ما سلكنا شعبا ولا واديا إلا وهم معنا حبسهم العذر )
7- النصر والكفاية الإلهية :
قال تعالى (أليس الله بكاف عبده ) وقال ( إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم )
وقال (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم وأنزل فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا )
8- تأييد الله ومعونته في الشدائد والأزمات :
قال الله تعالى (هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاء هم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين )
وقصة الثلاثة الذين دخلوا الغار فانسد عليهم فذكر كل واحد منهم عملا قد عمله خالصا لوجه الله تعالى فأنجاهم الله تعالى بذلك الإخلاص .



وصلى الله على  نبيه الكريم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق