الثلاثاء، 13 مارس 2012

(ترجمة الصحابي الجليل مصعب بن عمير رضي الله عنه )

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على نبيه الكريم
(ترجمة مصعب بن عمير رضي الله عنه )
وسأتناوله حسب النقاط التالية:-
1 – نسبه
2- إسلامه وهجرته
3- ثناء الرسول صلى الله عليه وسلم عليه
4- حسن خلقه
5- بعثه إلى المدينة سفيرا لنشر الإسلام
* خطته في المدينة لتبليغ الدعوة
* أنه يأتي الأنصار في دورهم، وكان يتلطف بهم, وهو أول من صلي بهم الجمعة.
6 – رجوعه إلى مكة قبل العقبة الثانية
7 – دعوته أمه إلي الإسلام
8 – أن هدف الصحابة هو رضى الله تعالى
9 – حالُه بعد الإسلام وما لاقاه من الشدة .
10- قتاله دون الرسول صلى الله عليه وسلم .
11- جهاده وقوة ثباته وشجاعته .
12- صفته وعمره حين استشهاده .



1-نسبه :-


" هو مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد المناف بن عبد الدار بن قصي بن كلاب السيد الشهيد السابق البدري القرشي العبدري "

2-إسلامه وهجرته:-

هو أحد السابقين إلى الإسلام ، قال أبو عمر" أسلم قديما والنبي صلى الله عليه وسلم في دار الأرقم ، وكتم إسلامه خوفاً من أمه وقومه فعلمه عثمان بن طلحة ، فأعلم أهله فأوثقوه فلم يزل محبوساً إلى أن هرب مع من هاجر إلى الحبشة ، ثم رجع إلى مكة فهاجر إلى المدينة وشهد بدراً ثم شهد أحداً ومعه اللواء فاستشهد.

3- ثناء الرسول صلى الله عليه وسلم عليه:-

عن عروة بن الزبير قال بينا أنا جالس يوماً مع عمر بن عبد العزيز وهو يبني المسجد فقال: " أقبل يا مصعب بن عمير ذات يوم والنبي صلى الله عليه وسلم جالس في أصحابه عليه قطعة نمرة قد وصلها بإهاب قد ردنه ثم وصله إليها فلما رآه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم نكسوا رءوسهم رحمة ليس له عندهم ما يغيرون عنه فسلم فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأحسن عليه الثناء وقال: " الحمد لله ليقْلِبْ الدنيا بأهلها لقد رأيت هذا – يعني مصعباً – وما بمكة فتى من قريش أنعم ُ عند أبويه نعيماً منه ثم أخرجه من ذلك الرغبة في الخير في حب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .

4- حسن خلقه:-

وعن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه قال: " كان مصعب بن عمير لي خِدْْناً وصاحباً منذ يوم أسلم إلى أن قتل رحمه الله بأُحد خرج معنا إلى الهجرتين بأرض الحبشة وكان رفيقي من بين القوم فلم أر رجلاً قط كان أحسن خلقاً ولا أقل خلافاً منه ([1])


5- بَعْثه إلى المدينة المنورة سفيراً لنشر الإسلام :-



لما انصرف أهل العقبة الأولى الاثنا عشر وفشا الإسلام في دور الأنصار أرسلت الأنصار رجلاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكتبت إليه كتاباً ابعث إلينا رجلاً يفقهنا في الدين ويقْرِئنا القرآن فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير فقدم فنزل على أسعد بن زرارة وكان يأتي الأنصار في دورهم وقبائلهم فيدعوهم إلى الإسلام ويقرأ عليهم القرآن فيُسلم الرجل والرجلان حتى ظهر الإسلام وفشا في دور الأنصار والعوالي إلا دوراً من أوس الله وهي خطمة ووائل وواقف وكان مصعب يقْرِئهم القرآن ويعلمهم .
وذات يوم ذهب مصعب بن عمير و أسعد بن زرارة إلى دار بني عبد الأشهل ودار بني ظفر .
واجتمع مصعب وأسعد في حائط ، واجتمع إليهما رجال ممن أسلم ، وسعد بن معاذ وأسيد ابن حضير يومئذ سيدا قومهما من بني عبد الأشهل وكلاهما مشرك على دين قومه فلما سمعا به ، قال سعد بن معاذ لأسيد بن حضير : لا أبالك انطلق إلى هذين الرجلين الذين قد أتيا دارنا ليسفِّها ضعفاءنا فازجرهما وانههما عن أن يأتيا دارينا فإنه لولا أن أسعد بن زرارة مني حيث قد علمت كفيْتُكَ ذلك هو ابن خالتي ولا أجد عليه مقْدَماً .
قال فأخذ أسيد بن حضير حربته ثم أقبل إليهما فلما رآه أسعد بن زرارة قال لمصعب ابن عمير : " هذا سيد قومه قد جاءك فاصدق الله فيه ، قال مصعب : إن يجلس أكلمه : فوقف عليهما متشتماً فقال: " ما جاء بكما إلينا تسفهان ضعفاءنا ؟ اعتز لأنا إن كانت لكما بأنفسكما حاجة .
فقال له مصعب: " أو تجلس فتسمع فإن رضيت أمراً قبلته وإن كرهت كُفّ عنك ما تكره؟ قال أنصفت ، ثم ركّز حربته وجلس إليهما فكلمه مصعب بالإسلام وقرأ عليه القرآن فقالا فيما يذكر عنهما: " والله لعرفنا في وجهه الإسلام قيل أن يتكلم من إشراقه وتسهله ثم قال: " ما أحسن هذا الكلام وأجمله!.
كيف تصنعون إذا أردتم أن تدخلوا في هذا الدين قالا له: " تغتسل فتطهر وتطهر ثوبيك ، ثم تشهد شهادة الحق ثم تصلي فقام فاغتسل وطهر ثوبيه وتشهد شهادة الحق ثم قام فركع ركعتين ثم قال لهما: " إن ورائي رجلاً إن اتبعكما لم يتخلف عنه أحد من قومه وسأرسله إليكما الآن سعد بن معاذ .
وذكر قصة إسلامه وهي شبيهة بقصة إسلام أسيد بن حضير ([2])



استئذان مصعب بن عمير لرسول الله صلى الله عليه وسلم في إقامة الجمعة:-

ثم كتب مصعب بن عمير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستأذنه أن يصلي بهم الجمعة فأذن له وكتب إليه انظر من اليوم يجهر في اليهود لسبتهم فإذا زالت الشمس فازدلف إلى الله فيه بركعتين واخطب فيهم فجمع بهم مصعب بن عمير في دار سعد بن خيثمة وهم اثنا عشر رجلاً وما ذبح لهم يومئذ إلا شاة فهو أول من جمع في الإسلام جمعة وقد روى قوم من الأنصار أن أول من جمع بهم أبو أمامة أسعد بن زرارة .

6- رجوعه إلى مكة قبل العقبة الثانية:-


ثم خرج مصعب بن عمير من المدينة مع السبعين الذين وافوا الرسول صلى الله عليه وسلم في العقبة الثانية من حاج الأوس لخزرج ورافق أسعد بن زرارة في سفره ذلك .
فقدم مكة فجاء منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم أولاً ، ولم يقرب منزله فجعل يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأنصار وسرعتهم إلى الإسلام واستبطأهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسُرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بكل ما أخبره .



7- دعوته أمه إلى الإسلام:-

وبلغ أمه أنه قد قدم فأرسلت إليه: " يا عاق أتقْدم بلداً أنا فيه لا تبدأ بي؟ ، فقال: " ما كنت لأبدأ بأحد قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما سلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره بما أخبره ذهب إلى أمه فقالت: " إنك لعلى ما أنت عليه من الصَّبأة بعد؟ .
قال أنا على دين رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الإسلام الذي رضي الله لنفسه ولرسوله – قالت: " ما شكرت ما رثيتك مرة بأرض الحبشة ومرة بيثرب فقال: " أفر بديني أن تفتنوني ، فأرادت حبسه فقال: " لئن أنت حبستني لأحرصن على قتل من يتعرض لي.
قالت: " فاذهب لشأنك وجعلت تبكي فقال مصعب بن عمير : يا أمة إني لك ناصح عليك شفيق فاشهدي أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله .
قالت: " والثواقب لا أدخل في دينك فيُزري برأيي ويضعّف عقلي ولكني أدعك وما أنت عليه وأقيم على ديني قال وأقام مصعب بن عمير مع النبي صلى الله عليه وسلم بمكة بقية ذي الحجة والمحرم وصفر ، وقدم قبل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة مهاجراً لهلال شهر ربيع الأول قبل مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم باثنتي عشرة ليلة – وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين مصعب بن عمير وسعد بن أبي وقاص وآخى بين مصعب بن عمير وأبي أيوب الأنصاري . ([3])
8- هدف الصحابة هو رضى الله تعالى: -
وعن خباب قال هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نبتغي وجه الله فوقع أجرنا على الله فمنا من مضى لسبيله لم يأكل من أجره شيئاً منهم مصعب بن عمير قتل يوم أحد ولم يترك إلا نمرة كنا إذا غطينا رأسه بدت رجلاه وإذا غطينا رجليه بدا رأسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " غطوا رأسه واجعلوا على رجليه الإذخر" ، ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها " ([4]) .
وعن سعد بن إبراهيم سمع أباه يقول: " أتى عبد الرحمن بن عوف بطعام فجعل يبكي فقال: " قتل حمزة فلم يوجد ما يكفن فيه إلا ثوباً واحداً ، وقتل مصعب بن عمير فلم يوجد ما يكفن به إلا ثوباً واحداً لقد خشيت أن يكون عجلت لنا طيباتنا في حياتنا الدنيا ، وجعل يبكي ([5]) .
وعن ابن اسحاق حدثني يزيد بن زياد عن القُرظي عمن سمع علي بن أبي طالب يقول: " إنه استقى لحائط يهودي بملء كفه تمراً فقال: " فجئت المسجد فطلع علينا مصعب ابن عمير في بردة له مرقوعة بفروة " ، وكان أنعم غلام بمكة وأرفهه ، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر ما كان فيه من النعيم ورأى حاله التي هو عليها فذرفت عيناه عليه ، ثم قال: " أنتم اليوم خير أم إذا غدي على أحدكم بجفنة من خبز ولحم ؟ فقلنا نحن يومئذ خير نكفى المؤنة ونتفرغ للعبادة فقال: " بل أنتم اليوم خير منكم يومئذ ([6]) .
9- حالُه بعد الإسلام وما لاقاه من الشدة:-
روى ابن اسحاق حدثني صالح بن كيسان عن سعد بن مالك قال: كنا قبل الهجرة يصيبنا ظلف العيش وشدته فلا نصبر عليه ، فما هو إلا أن هاجرنا فأصابنا الجوع والشدة فاستضلعنا بهما وقوينا عليهما ، فأما مصعب بن عمير فإنه كان أترف غلام بمكة بين أبويه فيما بيننا فلما أصابه ما أصابنا لم يقوَ على ذلك فلقد رأيته وإن جلده ليتطاير عنه تطاير جلد الحية ، ولقد رأيته ينقطع به فما يستطيع أن يمشي فنعرض له القِسيَّ ثم نحمله على عواتقنا ، ولقد رأيتني مرة قمت أبول من الليل فسمعت تحت بولي شيئاً يجافيه فلمست بيدي فإذا قطعة من جلد بعير فأخذتها فغسلتها حتى أنعمتها ثم أحرقتها بالنار ثم رضضتها شققت منها ثلاث شقات فاقتويْتُ بها ثلاثاً.([7])
وأخرج الطبراني والبيهقي عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه قال نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي مصعب ابن عمير مقبلا عليه إهاب كبش قد تنطَّع به فقال صلى الله عليه وسلم: " انظروا إلى هذا الذي نور الله قلبه ، لقد رأيته بين أبوين بغدواته بأطيب الطعام والشراب ولقد رأيت عليه حلة شراها بمائتي درهم فدعاه حب الله ورسوله إلى ما ترون " ([8])
10- قتاله دون الرسول صلى الله عليه وسلم :-
قال ابن اسحاق : " وقاتل مصعب بن عمير دون رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قتل ، قتله ابن قمئة الليثي وهو يظنه رسول الله فرجع إلى قريش فقال: قتلت محمداً فلما قتل مصعب أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء علي ابن أبي طالب ورجالا من المسلمين ([9])
11- جهاده وقوة ثباته وشجاعته .
قال أخبرنا محمد بن عمر قال أخبرنا محمد بن قدامة عن عمر بن حسين قال كان لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم الأعظم لواء المهاجرين يوم بدر مع مصعب بن عمير ، وقال: " حمل مصعب بن عمير اللواء يوم أحد فلما جال المسلمون ثبت به مصعب فأقبل ابن قمئة وهو فارس فضرب يده اليمنى فقطعها ومصعب يقول: {وما محمد إلا رسول الله قد خلت من قبله الرسل} ، وأخذ اللواء بيده اليسرى وحنا عليه فضرب يده اليسرى فقطعها فحنا على اللواء وضمه بعضديه إلى صدره وهو يقول { وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل } ثم حمل عليه الثالثة بالرمح فأنفذه واندق الرمح ووقع مصعب وسقط اللواء وابتدره رجلان من بني عبد الدار سويبط بن سعد بن حرملة وأبو الروم ابن عمير فأخذه أبو الروم بن عمير فلم يزل في يده حتى دخل به المدينة حين انصرف المسلمون.
قال إبراهيم بن محمد عن أبيه قال ما نزلت هذه الآية { وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل } يومئذ حتى نزلت بعد ذلك.
وقال ابن سعد: " أعطى رسول صلى الله عليه وسلم يوم أحد مصعب بن عمير اللواء فقتل مصعب بن عمير فأخذه ملك في صورة مصعب فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له في آخر النهار تقدم يا مصعب فالتفت إليه الملك فقال لست بمصعب فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ملك أُيِّد به.
وعن عبيد بن عمير أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف على مصعب بن عمير وهو منجعف على وجهه فقرأ هذه الآية {من المؤمنين رجال صدقوا ما عهدوا الله عليه...} إلى آخر الآية .
ثم قال : إن رسول الله يشهد أنكم الشهداء عند الله يوم القيامة ، ثم أقبل على الناس فقال: أيها الناس زوروهم وأتوهم وسلموا عليهم فو الذي نفسي بيده لا يسلم عليهم مسلّم إلى يوم القيامة إلا ردوا عليه السلام .
12- صفته وعمره حين استشهد :-
كان مصعب بن عمير رقيق البشرة حسن اللمة ليس بالقصير ولا بالطويل قتل يوم أحد على رأس اثنين وثلاثين شهراً من الهجرة وهو ابن أربعين سنة أو يزيد شيئاً فوقف عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بردة مقتولاً فقال: " لقد رأيتك بمكة وما بها أحد أرق حلة ولا أحسن لمة منك ثم أنت شاعث الرأس في بردة ثم أمر به ليقبرَ.
وأخـــــــــــــــــــيراً:-
فإن القدوة ينبغي أن تكون بهؤلاء الرجال حقاً المستحقين أن يسموا رجالاً فإنهم قد بذلوا أنفسهم وأموالهم رخيصة في سبيل عقيدتهم ورسولهم صلى الله عليه وسلم وليسوا كعبدة الدينار والدرهم والخميصة من حثالة البشر من فنانين وفنانات أو رياضيين فهؤلاء لا يصلحون للقدوة ولا للمحاكاة ولا يسمون أبطالاً ولا نجوماً .
فنسأل الله بأسمائه العلى وصفاته الحسنى أن يوفقنا للاقتداء بمصعب وغيره من الصاحبة رضي الله عنهم وحشرنا في زمرتهم آمين آمين ......


وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


[1])) الطبقات الكبرى 3/118
([2]) روض الأنف 2/ 258 - 260
[3]) ) حياة الصحابة 2/291
[4]) ) رواه البخاري في الجنائز(1286)
[5]) ) أخرجه البخاري في الجنائز (1274-75)
[6]) ) أخرجه الترمذي (2478)
[7]) ) أسد الغابة 5/182
[8])) الترغيب والترهيب 3/395
[9]) ) ابن هاشم 2/73

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق