الثلاثاء، 13 مارس 2012

** ترجمة عمر بن عبد العزيز **



بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على نبيه الكريم
** ترجمة عمر بن عبد العزيز ** ([1])
هو عمر بن عبد العزيز بن مروان ابن الحكم ابن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب ، الإمام الحافظ العلامة المجتهد الزاهد العابد السيد أمير المؤمنين حقاُ أبو حفص القرشي الأموي المدني ثم المصري الخليفة الزاهد الراشد أشج بني أمية.....
وكان من أئمة الاجتهاد ومن الخلفاء الراشدين رحمة الله عليه وأمه هي أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب ولد سنة 63هـ وقيل ولد سنة 61هـ.
وذكر صفته سعيد بن عفير: أنه كان أسمر ، رقيق الوجه ، حسنة نحيف الجسم ، حسن اللحية ، غائر العينين ، بجبهته أثر نفحة دابة قد وخطه الشيب.
قيل أن عمر بن الخطاب قال: ( إن من لدى رجلاً ، بوجهه شتر يملأ الأرض عدلاً ، وعن أبي جعفر الباقر قال: لكل قوم نجيبة وإن نجيبة بني أمية عمر ابن عبد العزيز ، إنه يبعث أمة واحدة.
وروى الثوري عن عمرو بن ميمون قال: ( كانت العلماء مع عمر بن العزيز تلامذة.
قال الذهبي: ( قد كان هذا الرجل حسَن الخلق والخُـلق ، كامل العقل ، حسن السمت ، جيد السياسة ، حريصاً على العدل بكل ممكن ، وافر العلم ، فقيه النفس ، ظاهر الذكاء والفهم ، أواهاً منيباً ، قانتاً لله ، حنيفاً زاهد مع الخلافة ناطقاً بالحق مع قلة المعين ، وكثرة الأمراء الظلمة الذين ملوه وكرهوا مماقتـته لهم ، ونقصه أعطياتهم ، وأخذه كثيراً مما في أيديهم رحماً ، أخذوه بغير حق فما زالوا به حتى سقوه السهم فحصلت له الشهادة والسعادة ، وعد عند أهل العلم من الخلفاء الراشدين العاملين.([2]).
قال ميمون بن مهران: ( إن الله كان يتعاهد الناس بنبي بعد نبي وإن الله تعاهد الناس بعمر بن عبد العزيز.([3]).
قال الليث: ( بدأ عمر بن عبد العزيز بأهل بيته فأخذ ما بأيديهم وسمى أموالهم ومظالم ففرعت بنو أمية إلى عمته فاطمة بنت مروان فأرسلت إليه إني عناني أمر فأتته ليلاً فأنزلها عن دابتها فلما أخذت مجلسها قال: ( يا عمة ! أنت أولى بالكلام قالت تكلم يا أمير المؤمنين قال: إن الله بعث محمداً صلى الله عليه وسلم رحمة ولم يبعثه عذاباً ، واختار له ما عنده ، فترك لهم نهراُ شربهم سواء ثم قام أبو بكر فترك النهر على حاله ، ثم عمر فعمل عمل صاحبه ، ثم لم يزل النهر يشتق منه يزيد ومروان وعبد الملك والوليد وسليمان حتى أفضى الأمر إلي وقد يبس النهر الأعظم ولن يروي أهله حتى يعود إلى ما كان عليه فقالت: حسبك فلست بذاكرة لك شيئاً ورجعت فأبلغتهم كلامه.([4]).
ويستفاد من هذه النظرة العمرية الثاقبة أن المشكلة الاقتصادية تكمن في عدم توزيع الثروة توزيعاً صحيحاً وإلا فأصل الثروة بكفي المجتمع أنا وزعت توزيعاً عادلاً والدليل العمل على ذلك إيمانه عندما قام هو بتوزيع الثروة توزيعاً عادلاً كتب له بعض عماله أن المال قد فاض فأين يضعه.
وعن ميمون بن مهران: ( سمعت عمر بن عبد العزيز يقول: لو أقمت فيكم خمسين عاماً ما استكملت فيكم العدل ، إني لأريد الأمر من أمر العامة فأخاف ألا تحمله قلوبهم فأخرج معه طمعاً من طمع الدنيا.
وفي تاريخ الذهبي زيادة لهذا([5]): فإن أنكرت قلوبهم هذا سكنت إلى هذا وفي البداية([6]): ( وإني لأريد الأمر ، فما أنقذه إلا مع طمع من الدنيا حتى تسكن قلوبهم.
وفي هذا التصرف من عمر عمق فهم لنفسيات الناس ومحاولة إيصال الحق لهم برفق وبطريق متدرج لئلا ينفروا من الحق ، وهكذا فينبغي لكل مصلح أن يقتدي به في هذا الشأن فيراعي نفسيات الناس ويحاول إيصال الحق والخير لهم يتأن وتدرج حتى يقتنعوا ويطبقوه بيسر وبسهولة.
وعن عبد الرحمن بن زيد عن عمر بن أسيد قال: والله ما مات عمر بن عبد العزيز حتى جعل الرجل يأتينا بالمال العظيم فيقول: اجعلوا هذا حيث ترون فا يبرح حتى يرجع بماله كله قد اغتنى عمر الناس.
وهذا يدل على أن الحاكم إذا تعفف عن المال العام تعففت الرعية أيضاً عنه وإذا ارتع رتعت فالرعية على دين حكامها.



- اهتمامه بمشاكل الأمــة-
وعن عطاء بن أبي رباح قال: ( حدثني فاطمة امرأة عمر بن عبد العزيز أنها دخلت عليه فإذا هو في مصلاه يده على خده سائلة دموعه فقلت يا أمير المؤمنين ألشيء حدث؟ قال يا فاطمة! إني تقلدت أمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم ففكرت في الفقير الجائع ، والمريض الضائع ، والعاري المجهود ، والمظلوم المقهور ، والغريب المأسور والكبير ذي العيال في أقطار الأرض فعلمت أن ربي سألتني عنهم ، وأن خصمهم دونهم محمد صلى الله عليه وسلم فحشيت ألا تثبت لي حجة عند حصومته فرحمت نفسي فبكيت.([7]).


- نظرته إلى المال وإن كل واحد من أفراد الأمة له فيه حق وإن لم يطالب به-
عن عمر بن ذر أن مولى لعمر بن عبد العزيز قال: بعد جنازة سليمان: مالي أراك مغتماً ؟ ، قال لمثل ما أنا فيه فليغتم ، ليس أحد من الأمة إلا وأنا أريد أن أوصل إليه حقه غير كاتب إلى فيه ولا طالبه مني.([8]).


- اهتمامه بحفظ المال العام وعدم ضياعه وحث عماله على ذلك-
فقد كتب إلى أبي بكر بن حزم: أن أدق قلمك وقارب بين أسطرك فإني أكره أن أخرج من أموال المسلمين مالاً ينتفعون به.([9])


- لباســـه الشخـــصي-
قال ميمون بن مهران: ( أقمت عند عمر بن عبد العزيز ستة أشهر ما رأيته غيّر رداءه كان يغسل من الجمعة إلى الجمعة ويبين بشيء من الزعفران).([10]).


- طريقتــــه في العقوبــــة-
قال الأوزاعي: ( كان عمر بن عبد العزيز إذا أراد أن يعاقب رجلاً حبسه ثلاثاً ثم عاقبه كراهية أن يعجل في أول غضبه.([11]).
وعن سعيد بن سويد أن عمر بن عبد العزيز صلى بهم الجمعة ثم جلس وعليه قميص مرفوع الجيب من بين يديه ومن خلفه فقال له رجل: يا أمير المؤمنين إن الله سبحانه قد أعطاك فلو لبست ! فقال: أفضل القصد عند الجدة ، وأفضل العفو عند المقدرة.([12]).
وعن مسلمة بن عبد الملك قال: دخلت على عمر وقميصه وسخ فقلت لا امرأته وهي أخت مسلمة: اغسلوه قالت نفعل ثم عدت فإذا قميص على حاله فقلت لها فقالت: والله ماله قميص غيره.([13]).



- تعففه عن المال العــام-
فإنه قال يوماً لامرأته عندك درهم اشترى به عنباً؟ قالت: لا ، قال: فعندك فلوس؟ ، قالت: لا ، أنت أمير المؤمنين ولا تقدر على درهم قال هذا أهون من معالجة الأغلال في جهنم.([14])


- علو هـمَّتـه-
قال رحمه الله : ( إن نفسي توَّاقـة ، وإنها لم تُعط من الدنيا شيئاً إلا تاقت إلى ما هو أفضل منه ، فلما أعطيت مالاً أفضل منه في دنيا تاقت إلى ما هو أفضل منه يعني "الجنــة".([15]).
وقال مالك بن دينار: ( يقول الناس عني: زاهد: إنما الزاهد عمر بن عبد العزيز الذي أتته الدنيا فتركها.([16]) .
وكان تسرج عليه الشمعة ما كان في حوائج المسلمين فإذا فرغ أطفأها وأسرج عليه سراجه.
وقال مالك: أتى عمر بن عبد العزيز بعنيرة فأمسك على أنفه مخافة أن يجد ريحها وعنه أنه سد أنفه وقد أحضر مسك من الخزائن.([17]).


- خوفه وزهده وبعض مواعظة وشعره
قالت فاطمة امرأته: حدثنا مغيرة أنه يكون في الناس من هو أكثر صلاة وصياماً من عمر بن عبد العزيز ، وما رأيت أحداً أشد فرقاً من ربه منه كان إذا صلى العشاء قعد في مسجده ثم يرفع يديه فلم يزل يبكي حتى تغلبه عينيه ، ثم ينتبه ، فلا يزال يدعوا رافعاً يديه حتى تغلبه عينه يفعل ذلك ليله أجمع.
وقال مكحول: ( لو حلفت لصدقت ما رأيت أزهد ولا أخوف لله بن عمر بن عبد العزيز ، وقال النضر بن عربي: ( دخلت على عمر بن عبد العزيز فكان ينتفض أبداً كأن عليه حزن الخلق).
وعن ميمون بن مهران: ( قال لي عمر بن عبد العزيز حدثني فحدثته ، فبكى بكاء شديداً ، فقلت: لو علمت لحدثتك ألين منه ، فقال: إنا نأكل العدس وهي ما علمت مرقة للقب مغزرة الدمعة مذلة للجسد.
ولما مرض جيء الطبيب فقال: به داء ليس له دواء غلب الخوف على قبله([18]) ، وكان يجمع كل ليلة الفقهاء فيتذاكرون الموت والقيامة والآخر ويبكون وكتب إلى رجل إنك استعشرت ذكر الموت في ليلك ونهارك بغض إليك كل فان وحبب إليك كل باق والسلام.([19]).
وإليك النص في دخول أهل الذمة في الإسلام في زمنه.
فقد كتب حيان بن شريح عامل مصر إلى عمر بن عبد العزيز : إن أهل الذمة قد أشرعوا في الإسلام وكسروا الجزية فكتب إليه: إن الله بعث محمداً صلى الله عليه وسلم داعياً ولم يبعثه جابياً فإذا أتاك كتابي فإن كل أهل الذمة أشرعوا في الإسلام وكسروا الجزية فاطو كتابك وأقبل.([20])
وقد أبطل رحمه الله تعالى الأسنة السب التي كان الولاة قبله يعملون بها ، فقد ذكر لوط بن يحيى: أن الولاة من بني أمية قبل عمر بن عبد العزيز كانوا يشتمون رجلاً رضي الله عنه تعالى فلما ولي هو أمسك عن ذلك ، فقال كثير غرة الخزاعي:
وليت فلم نشتم عليا ولم تخف............بريّا ولم تتبع مقالة محرم
تكلمت بالحق المبين وإنما...........تبين آيات الهدى بالتكلم
فصدقت معروف الذي قلت بالذي.......فعلت فأضحي راضياً كل مسلم.([21])







[1])السير 5/114 ، مؤسسة الرسالة طبعة(11) سنة 1422هـ
[2])) ص ( 120)
[3])) ص ( 127)
[4])) ص ( 129)
[5])) الذهبي 4/170
[6])) البداية والنهاية 9/200
[7])) ص ( 131- 132)
[8])) ص ( 127)
[9])) ص ( 132)
[10])) ص (132)
[11])) ص ( 133)
[12])) ص ( 134)
[13])) ص (134)
[14])) ص ( 134-135)
[15])) ص ( 134)
[16])) ص ( 134)
[17])) ص ( 136)
[18])) ص ( 137)
[19])) ص ( 138)
[20])) ص ( 147)
[21])) ص ( 147)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق